حين يتحدث جلالة الملك عبدالله الثاني عن القدس كقضية عربية مركزية وأنها موضع اهتمام أردني دقيق،إنما يريد أن يرسل للعالم رسالة واضحة أن لا سلام في المنطقة بدون قدس عربية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة مع تمتعها بعضوية الامم المتحدة وكل الهيئات الدولية.
القدس هي مفتاح السلام والاستقرار، ونلاحظ التشديد على ذلك في هذه المرحلة خصوصا لاستشعار ما يحاك حول القدس، فكانت تلك الصيحة الهاشمية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقاء جلالته مع أهل الزرقاء مشددا على مركزية القدس في الفكر الاردني، وأن لا مساومة او تنازل عن عروبتها وصيانتها وحفظها استمرارا لإعمار الشريف الحسين بن علي لها عام 1924 إلى افتداء الملك عبدالله الأول الشهيد، وإلى رعاية المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه حين كان ينظر إلى القدس كعاصمة روحية للأردن في فترة وحدة الضفتين.
ربما تنتشر إشاعات وأقاويل حول القدس، هدفها التشكيك وتحويل الانتباه وإيجاد حالة من الجدال السلبي، لكن جلالة الملك عبدالله الثاني يعيد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، انطلاقا من انه هو صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات، وهو يدعو العالم خلال تسلمه لجائزة مصباح السلام في إيطاليا مؤخرا " نعمل من أجل حماية القدس" وقد نادى جلالته باسم كل من يعمل من اجل السلام لأن نحمي القدس وندعم الفلسطينيين وصولا لدولتهم ووقف العنف ومحاربة التطرف وإيجاد حلول للاجئين والعمل من أجل الإنسانية.
في إيطاليا وفرنسا كان الصوت العقلاني بتفهم رسائل جلالة الملك عبدالله الثاني .. ولكن تبقى الحاجة إلى التطبيق وترجمة رسالة القيم الإنسانية إلى قرارات نافذة لنصل إلى عالم السلام المنشود الخالي من الطائفية والعنصرية والتطرف والظلم واحتلال الشعوب.
ورسالة جلالة الملك للعالم هي رسالة لنا أيضا لأن نرتفع إلى مستوى الدور القومي والعربي للأردن الذي يتطلع إلى خدمة السلام والحق العربي وحشد الجهود لأن نكون أولا مع أنفسنا، ونترفع عن ترهات وتفاهات جانبية، وأن نركز على الهدف الأسمى وإدراك مصادر التهديد الحقيقية وأن تكون رؤيتنا استراتيجية بتحقيق دولة فلسطينية كاملة على خطوط الرابع من حزيران، وأن نعزز الدور الأردني بالفهم والتوعية والاستناد إلى حقيقة التاريخ وأن نعمل معا من أجل المستقبل لبلدنا وان ندرك ان أساس استقرارنا والتخلص من كل الإشكاليات التي أفرزتها مسائل الهوية والجنسية والمواطنة هي بالوصول للدولة الفلسطينية والمحافظة على عروبة القدس ونحميها حتى تكون مدينة سلام ومحبة، والتأكيد على وضوح الرسالة الأردنية ومواقف جلالة الملك وتوظيف أنشطتنا وندواتنا لتعزيز الموقف الأردني وأيضا أن ندرك أن عقلنة التعبير عن مواقفنا يكمن في وحدة الصف الداخلي وفي ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية وسيادة القانون.