كيف نعد سياسات حكومية للصالح العام
صالح سليم الحموري
30-03-2019 02:37 AM
العالم يتغير وبسرعة كبيره وهذا يستدعي من جميع الحكومات ان تلحق بالركب، فجميع القوانين والأنظمة من الممكن انها اصحبت عائقا امام التقدم وتحسين الخدمات او ابتكار أساليب جديدة في تقديم الخدمات الحكومية، ولذلك اصبح من المهم ان تصبح السياسات العامة هي المسيره للحكومات، وهناك دول أصبحت ريادية في إدارة القطاع الحكومي عن طريق إيجاد سياسات تكون ناظمة للعمل الحكومي وتوجهاته وان يتم الاعتماد على هذه السياسات في التخطيط الاستراتيجي على مستوى الدولة وعلى مستوى الوزارت والمؤسسات الحكومية، فعندما يتم الاتفاق على سياسة معينة تصبح هي الموجه للاعمال الحكومية من تخطيط واطلاق مبادرات وغيرها.
ومع بدء العد التنازلي لانتهاء عصر البيروقراطيات التقليدية بالإدارة الحكومية والتحول الى حكومات رقمية أصبح من الواجب أن نسأل ما هي استعدادت الحكومة للعصر الجديد وهل يمكنها التحول الى أسلوب الإدارة بالسياسات وهل يمكن لها التعاطي مع كل السياسات الحيوية وعلى كافة الأصعدة؟ لتطوير إدارة حكومية تستطيع التعامل مع تحديات القرن الجديد، فالعالم يتجه الى ابتكار نظم حكومية متجددة أو بيروقراطية حديثة ومرنة، أو إعادة هيكلة المنظمات الحكومية وتوزيع المهام والمسؤوليات أو حتى ابتكار مستوى جديد من الإدارة الحديثة. ومع بدء العد التنازلي لاندثار الكثير من أساليب الادارة، من المهم أن نستعد لذلك، فالعالم يتحدث الان عن حكومة تدار من خلال الشبكات؛ وحكومة تعمل بآليات السوق. فأستشراف عمل الحكومات أصبح من الظرورة وسيخدم ذلك انتهاج مبدأ وضع السياسات العامة وعلى كافة الأصعدة ومن المهم أيضا أن نعرف علام ترتكز هذه الحكومات، كأن ندرك كيف تعتمد وتتفاعل مع التكنولوجيا، والقوى الاقتصادية المحركة، والإدارة الاستراتيجية، لتقود عمليات تطبيق السياسات الحكومية الجديدة.
ولتوحيد الجهود والانطلاق حسب البوصلة فأصبح من الضرورة على الحكومات وضع دليل متخصص لوضع السياسات مع التركيز على رفع القدرات لدى صناع القرار بكيفية اعداد السياسات مع نشر هذا المفهوم وبشكل افقي على جميع المؤسسات العامة للعمل على اعداد ومراجعة سياساتها بشكل مستمر مع تعميمها ونشرها.
اذن إعادة اختراع الحكومات أصبح من الضرورة فمعدل الثقة ما بين المواطنيين والحكومات أصبح من أهم المؤشرات فمواطني عصر المعلومات يشتكون من سوء الخدمات. ويمكن القول إن القطاع الخاص غيَّر رؤية المواطنين للقطاع العام والأداء الحكومي. فالمواطنون في الدول المتقدمة - التي تلبي فيها الحكومات احتياجات الناس بشكل جيد جدا - يزدادون سخطا على الأداء الحكومي بشكل مطرد وعدم رضاهم عن حكوماتهم رغم الإنجازات الحكومية الملموسة، ورغم تعاقب الحكومات وتغيير السياسات في مختلف مناحي الحياة. وبدأ بعض علماء الاجتماع يتساءلون: هل يكره الناس الإدارة الحكومية دون مبرر؟! حتى في دول متقدمة مثل أمريكا تبين فعلا أن معظم الأمريكيين ينظرون للحكومة ككيان ضخم وجهاز إداري فضفاض يفتقر للمرونة ولا طائل من وجوده. وعلى الرغم من عدم ثقة الناس بالحكومة وشكوكهم تجاه سياساتها وأساليب تطبيقها.
يتسأل إلين كامارك أستاذ تشريعات القطاع العام في كلية جون كيندي للدراسات الحكومية، ما عسى الحكومة أن تفعل حيال مشكلات قطاعات الأمن، والغذاء، والصحة، والدواء، والتعليم، والتنمية في الوقت الذي يرفض فيه الناس كل الحلول التي تقدمها الحكومة لعدم ثقتهم في جدواها؟ ومثلما يكون الحال في معظم المشكلات المركبة، فإن الطرفين - الحكومة والمواطن - يبدوان وكأنهما على حق. فاختيار وسائل تنفيذ السياسات الحكومية يعتمد على مدى ما تستطيع هذه الوسائل تقديمه للصالح العام، ومدى اتساقها مع السياسات المراد تطبيقها والهدف منها. وبعد مرور عقد من الزمن على إعادة اختراع الحكومة، علينا الاعتراف بأن هذه الحكومات صادفت بعض النجاح وبعض الفشل، وعلينا إلقاء نظرة فاحصة على الوسائل الحديثة لتطبيق السياسات الحكومية وإيجاد حلول لمشاكل التطبيق لخدمة المواطنين والمجتمعات بشكل أفضل.
وعندما نقول السياسات الحكومية فهي التي تعمل على ترجمة الأولويات الحكومية ومبادئها على شكل سلسلة برامج متّسقة ومنسقة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، ومعالجة القضايا الاجتماعية، والاقتصادية و/أوالبيئية على وجه الخصوص، وإحداث التغيير المنشود.
القطاع الحكومي بحاجة الى إعادة اختراع فالان تسعى الحكومات الجديدة إلى استبدال نظام المسؤولية القائم على اتباع اللوائح والقوانين بنظام المسؤولية القائم على الأداء وفقاً لسياسات معتمدة وناظمة.