صعود المدونات والإعلام الشخصي
ابراهيم غرايبه
15-05-2007 03:00 AM
هل ستحل المدونات والمواقع الشخصية والمتخصصة على الإنترنت محل وسائل الإعلام التقليدية؟ الإجابة بالنفي تبدو بديهية، بل ويبدو السؤال ساذجا، ولكن الحديث عن صعود المدونات ومواقع الإنترنت وزيادة أهميتها وحضورها في التأثير يبدو مهما، ولا بد أن الظاهرة التي تشكل تحديا للإعلام القائم اليوم ستغير من اتجاهاته وأفكاره.الإعلام التقليدي يعتمد على الإعلان كما هو معروف، وفي اللحظة التي يتغير فيها اتجاه الإعلان فإن وسائل الإعلام ستتغير أيضا أو تختفي، ومن المعلوم أن الإعلان بدأ يتخذ وجهات جديدة لا تغطيها ولا تقلل من أهميتها زيادة الإعلان في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة وزيادة الإيرادات والاقتصاديات الإعلانية بل وتضاعفها، مما شجع على إصدار عدد جديد وكبير من الصحف والقنوات الفضائية، وماتزال الصحف اليومية تسيطر على حوالي ثلاثة أرباع السوق الإعلاني، ولكن هناك أيضا أوعية جديدة للإعلان عبر الشبكة، من خلال مواقع المؤسسات المختلفة نفسها أو من خلال مواقع الإنترنت الخدمية والتسويق الإلكتروني، فالتزايد في حصة الصحف ووسائل الإعلام التقليدية يعود إلى النمو الكبير في سوق الإعلان بسبب النمو الاقتصادي الكبير في السنوات الأخيرة، فهل سيبقى اتجاه الإعلان والمعلنين مقتصرا على وسائل الإعلام التقليدية أم أنه سيتغير مع تنامي ظاهرة الإعلام الإلكتروني وتواصل انخفاض تكاليف الإعلان والتسويق عبر شبكة الإنترنت؟
ولكن انخفاض تكاليف المواقع الإعلامية على الشبكة شجع على المغامرة بإصدار أعداد هائلة لا حصر لها من المواقع الشخصية والمتخصصة والتي تشجع على نشوء نمط جديد من الإعلام ربما يكون أقرب إلى مصالح الناس واحتياجاتهم مما يتعذر تحقيقه من خلال الإعلام التقليدي بسبب ارتفاع التكلفة وانخفاض الإيرادات التي تكاد تكون محصورة في الصحف اليومية، وربما نشهد في المستقبل القريب مواقع إعلامية للبلدات والمدن والأحياء والمدارس والمؤسسات والجماعات المهنية والحرفية والتجارية، وربما تتحول هي أيضا إلى ساحات إعلانية بديلة ومصدر لإيرادات تشجع على تنامي وتطور هذا النوع من الإعلام.
قد يحتاج الأمر إلى وقت، ولكنه على الأرجح لن يكون طويلا لتتحول الإنترنت إلى وسيلة إعلام وخدمات منتشرة وفعالة في الحياة اليومية والمهنية والأعمال والاقتصاد والأسواق والسياسة والحكم والرياضة والثقافة، وفي هذه الحالة فإن هذه المجموعات الكبيرة من المواقع ستتحول إلى مؤسسات إعلامية وخدمية وتسويقية ناشطة، ولكن ذلك يتوقف على مجموعة من التحولات والإنجازات الثقافية والسلوكية والتقنية أيضا.
فماتزال الإنترنت بطيئة ومملة وتعاني من إعاقات ومشكلات فنية تجعل استخدامها أكثر صعوبة وتعقيدا من استخدام الصحف والتلفزيون، وفي الوقت الذي تندمج في أجهزة الموبايل (وهذا تحقق بالفعل) وفي أجهزة التلفزيون، وتتطور برامج استخدام وبث الإنترنت لتكون أكثر سهولة وسرعة فإنها ستتحول إلى منافس وبديل جدي، ومن الملفت أن التطور في برامج استخدام الإنترنت مايزال بطيئا وليس بحجم تطور أجهزة الاتصالات الخليوية على سبيل المثال أو برامج الكمبيوتر بعامة، وربما يكون من أسباب ذلك أن الشركات الإعلانية والتسويقية التي استثمرت مبالغ هائلة في هذه البرامج لا تجد مصلحة أو دافعا في تطويرها، وبخاصة أن أفكار السرعة ستضحي بمستوى الإعلان والصورة على الأقل في المراحل الأولى، ولكن يبدو مؤكدا أنها لحظة قادمة تلك التي يكون استخدام النصوص والصور في الإنترنت ممكنا بالسرعة والسهولة نفسها في الصحف والتلفزيونات.
وتعاني الإنترنت من عدم جاذبية التوجه لاستخدامها بنفس مستوى استخدام الموبايلات وأجهزة التلفزيون والراديو لأن أجهزة الحاسوب نفسها ماتزال مصممة على أساس فلسفة المستخدم المتخصص وليس كل إنسان، ولأن استخدام وبث الإنترنت مقتصر على أجهزة الحاسوب وشبكات الاتصال مما يعني أنه مايزال بحاجة إلى تكاليف وترتيبات وخبرات ربما ستكون بعد سنوات قليلة موضع تندر وذكريات لكبار السن، وأتوقع أن ثورة التحول في استخدام الإنترنت ستبدأ عندما تتحول أجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت إلى قاعدة أساسية للتعليم في جميع المراحل وفي جميع المجالات والتخصصات، وهذا لم يحدث بعد، ولكنه أمر قادم لا محالة.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo