«الإخوان» .. المشكلة والحل !
صالح القلاب
08-09-2009 05:07 AM
أدق إستخلاص بالنسبة لطبيعة الأزمة المتفجرة داخل الإخوان المسلمين هو الإستخلاص الذي يقول أن هذه الأزمة ليست أزمة سياسية بأدوات تنظيمية بل هي أزمة هوية وطنية وأن المشكلة في حقيقة الأمر ليست بين مجموعة حمائمية وأخرى صقورية وليس بين همام سعيد ومن معه من جهة والدكتور عبداللطيف عربيات ومن معه من جهة أخرى بل هي حقا وحقيقة بين الذين يصرون على أن تكون الجماعة جماعة أردنية يحكمها الدستور الأردني وتخضع للقوانين الأردنية وبين حركة حماس التي كانت قد إتخذت قرارا في العام 2006 بأن يكون الأردن ساحتها الثالثة بعد ساحة غزة والضفة الغربية .
لا مصلحة للأردن كدولة في أن ينقسم الإخوان المسلمون وأن يتشرذموا فهذا أمر ليس غير محبذ فقط وإنما هو مرفوض بصورة مطلقة لكن وفي الوقت ذاته فإن إستمرار هذه الوضعية المربكة غير جائز وهو سيؤدي إلى مثل هذا الإنقسام ومثل هذا التشرذم إن هو لن يعالج معالجة صحيحة ونهائية وبعيدة عن الطبطبات والتسويات المؤقتة التي لن تكون وفي أحسن الأحوال إلا محاولات لتأجيل التشظي والإنفجار وتأجيل إنفجار هذه الأزمة من هذا الوقت إلى وقت آخر .
إن المشكلة ليست بين ما يسمى بتيار الحمائم وهمـام سعيد الذي يبدو أن عضويته في شورى حماس لها الأولوية على موقعه كمراقب عام للإخوان المسلمين (الأردنيين) إن المشكلة هي بين هذا التيار وبين حماس وهي مشكلة يجب عدم الإطمئنان إلى أن حلها بات قريبا على أساس ما وعد به خالد مشعل في زيارته (الإنسانية) الخاطفة الأخيرة إلى الأردن .
إذا أريد لهذه المشكلة أن تحل حــلا نهائيا فإن المعادلة التي يجب أن يبنى عليها هذا الحل هي: إن ما لقيصر لقيصر وما لله لله فهناك دولة هي المملكة الأردنية الهاشمية وهناك دولة لـ حماس في قطاع غزة وهذه الأخيرة تشكل مع الضفة الغربية الدولة الفلسطينية التي من المفترض أن تصبح قريبا موحدة ومستقلة .
إنه غير جائز على الإطلاق أن يكون شقيق من دولة غزة التي هي دولة حماس وتديرها حكومة هي لـ حماس لا يحمل الجنسية الأردنية عضوا في مجلس شورى الإخوان المسلمين، وله الحق في أن يقرر سواء جاء من قطاع غزة أو من إحدى دول الخليج أمرا أردنيا خالصا كالمشاركة في الإنتخابات البرلمانية أو إصدار تقرير كالتقرير الذي إتهم الأردن بأنه مازال منخرطا في المشروع الأميركي الصهيوني الذي يقضي بتصفية القضية الفلسطينية !! .
إن هذا غير جائز وإن هذا هو أساس المأزق الذي يواجهه الإخوان المسلمون وإن حماس عندما تصر على أن تمثل المكاتب الإدارية في الخليج في مجلس الشورى التابع لها وفي الوقت ذاته في مجلس شورى إخوان الأردن فإن هذا يعني أنها تصر على أن الأردن ساحة فلسطينية كساحة قطاع غزة وساحة الضفة الغربية ولعل ما يؤكد هذا الأمر أن التيار الحمساوي هنا في الجماعة لايزال يصر على رفض فك الإرتباط الذي أتـخذ قراره كما هو معروف في العام 1988 .
إنه من غير الممكن أن تنتهي هذه الأزمة المتفجرة في الإخوان المسلمين إلا إذا تم فك الارتباط نهائيا بينهم وبين حركة حماس وهذا يشمل وضع حد لصيغة التمثيل المزدوج لمكاتب الخليج ويشمل إنهاء تمثيل ثلاثة من الإخوان من بينهم المراقب العام همام سعيد في شورى حــركة المقاومة الإسلامية وأيضا إنهاء صيغة وجود حزب للإخوان المسلمين هو حــزب جبهة العمل الإسلامي .. إنه لا بد مــن أن تنتهي هذه الإلتباسات وهذه التداخلات وإنه إن لم تبادر الجماعة إلى مثل هذه الخطوة إراديا .. فإنه على الحكومة ألا تبقى تراقب الأمور عن بعد وإنه عليها أن تتحرك لوضع حد لكل هذا التلاعب الذي هو في النهاية تلاعب بالأمن الوطني الأردني .