الذي یرقب الأردن خلال الأسابیع القلیلة الماضیة، یلاحظ بشكل واضح، أن موجة التصعید ضد الإسرائیلیین، موجة مرتفعة، لكن المختلف أنھا تتصاعد بقبول رسمي واضح، سواء على صعید ملف القدس والمسجد الأقصى، أو تزاید التعبیرات المعادیة لإسرائیل على صعید ما یقولھ النواب، أو الإعلام، أو عبر المسیرات، بشأن قضایا مثل وجود سفیر أردني في إسرائیل، أو المطالبة بطرد السفیر الإسرائیلي في عمان، وصولا إلى الحملة ضد إسرائیل بشأن اتفاقیة الغاز، والاحتفال المختلف ھذا العام بمعركة الكرامة.
ھناك حركة شعبیة معادیة تاریخیا لإسرائیل، لكن الجدید ھذه المرة، أن الجانب الرسمي، سمح بزیادة العداء لإسرائیل، والأدلة على ذلك كثیرة، ولا یقال ھنا، إن الجانب الرسمي كان یمنع سابقا ھذه الإشارات، لكنھ كان یتجنب التصعید نحو مدارات محددة، بسبب تعقیدات العلاقة مع الإسرائیلیین والأمیركیین على حد سواء، ونحن لأول مرة نشھد خرقا للسقوف التقلیدیة بشأن العلاقة ما بین الأردن وإسرائیل.
ربما ھناك معلومات محددة لدى عمان الرسمیة عن كید إسرائیلي في السر ضد الأردن، وعلى الرغم من أن ھناك انطباعات سائدة لدى البعض أن العلاقة بین الأردن وإسرائیل علاقات جیدة، ولا یمكن أن تحدث مواجھة، فوق أن ھناك قناعة بوجود تنسیق على أكثر من مستوى، وأن كل ھذا التصعید مجرد إشغال للرأي العام، إلا أن ھذا الكلام، غیر صحیح، ونحن أمام موجة عداء غیر مسبوقة ضد إسرائیل، لا بد من فھم أسرارھا، ھذه المرة.
ما یقال ھنا إن ھذه الموجة المرتفعة یجب أن تستمر، بحیث تخفت لاحقا، بمعنى أن ھذه الموجة لا یجب أن تكون لمجرد الضغط على إسرائیل، بسبب ملف القدس مثلا، أو حتى تأثیر الإسرائیلیین لتجفیف المال عن الأردن، أو قضایا لا یرید الأردن الحدیث عنھا علنا لاعتبارات تخصھ، وھذا یقودنا إلى الاستخلاص الأساس، أي أن ھذه الموجة الكبیرة سوف تترك أثرا حادا على العلاقات مع إسرائیل، وحتى تقییمات واشنطن للمشھد في الأردن، وھذا أمر جدید ھذه المرة، كون الإشارات لیست شعبیة وحسب، بل یمكن وصفھا إشارات شعبیة، وبرعایة رسمیة، تؤكدھا أدلة كثیرة.
من جھة ثانیة، فإن اتفاقیة الغاز على سبیل المثال، یتوجب حسم أمرھا، وبرغم إشارات العداء لإسرائیل، سیاسیا.
لا بد أن تخرج الحكومة الحالیة، وتعلن تفاصیل اتفاقیة الغاز، التي ما تزال سریة، وھل ھناك شرط جزائي حقا، وما ھو قیمتھ، وكیف یمكن لطرف في العالم، یرید أن یستورد الغاز من طرف آخر، یقوم بتوریط نفسھ بشرط جزائي یتجاوز الملیار دولار، وبحیث لا نفھم كیف تتورط أي جھة بتربیط الأردن، عبر اتفاقیات استعباد اقتصادي، یرفضھا الجمیع؟
لا بد أن تتم مصارحة الجمھور، ھل ھذه الموجة ”الشعبیة-الرسمیة“ الأولى من نوعھا، ضد إسرائیل، مجرد ضغط مؤقت على إسرائیل، أم أنھا تعبر عن تحولات في السیاسة الأردنیة نتیجة للسیاسة العدوانیة الإسرائیلیة التي لا تحترم تعھداتھا للأردن ولا قرارات الشرعیة الدولیة.
الغد