(العرانفسيون) اغضبوا الملك
د. محمد حيدر محيلان
27-03-2019 12:34 AM
ان اسوأ الناس الذي يشكك في مواقف ونوايا ومبادئ ومشاعر الاخرين، فيقول لك انت لا تحب فلا، او انت غير صادق بنواياك تجاه الموقف الفلاني ، او انت لا تقصد ما تقول انما تنوي كذا وكذا. ولا يعرف النوايا وما تخفي الصدور الا الله ولا يحاسب على النيات الا علام الغيوب. اما ما يتشدق به المشككون والفارغون والناقمون، فيدخل فيما يسمى (عرانفسيون) (أنا بعرفك اكثر من نفسك) انت ما بتعرف حالك مثل ما بعرفك انا...
طبعا هذا سلوك استفزازي رخيص، المقصود فيه نثر وافاضة الغيض والكره تجاه الوطن وقيادته وافاحة روائح التشكيك وافقاد الثقة بكل ما يصدر عن القائد، وتأويل كل سلوك او حدث او قول،( بفكر المؤامرة )وزعزعة الامن الوطني واثارة القلق والرعب في نفوس الناس.
قال الملك ويقول كل يوم، الاردن ليس وطن بديل عن فلسطين، والقدس عاصمة فلسطين، والرعاية الهاشمية للمقدسات لا تنازل عنها ونحن ضد أي فكر او سياسة من شانها النيل من موقف الاردن والتأثير عليه، والقدس ومستقبل فلسطين خط احمر بالنسبة للأردن والهاشميين.
وحرفيا يؤكد (انا كهاشمي كيف اتراجع عن القدس (بستحي) وتاريخنا كجيش مصطفوي لا يسمح بذلك كلا كلا كلا ) لا أدري لم يبق الا ان يطلب هؤلاء من جلالة الملك ان يقسم على القران او يأتيهم ببرهان من الارض او السماء، كما كان يطالب كفار قريش من الرسول عليه السلام:
( وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا (93الاسراء).
هؤلاء (العرانفسيون) يعاندون ويغالطون ويشككون كرها للوطن واهله وقيادته، واشعالا للفتنة وتفتيت لللحمة الوطنية، ونوع من الحنق والافلاس السياسي والفكري، وقد يكون بغباء وثرثرة غير مقصودة، أو هرطقة مقصودة لتشويه العقيدة الوطنية والعسكرية لدى ابناء الوطن ،وتشتيت التوجه الوطني والديني تجاه القدس والمقدسات ، وتشكيك وافقاد ثقة الشعب بالقائد، ولا يقوم بهذا العمل الا خائن او مندس او مغفل.
الملك يواصل نهاره بليله، يسافر الى العالم، ويجاهد ليوضح موقفه عربيا وعالميا، ويقول هذا موقفي واضح وجلي، ولكن يوجد ضغوط دولية علي وعلى الاردن لتغيير موقفنا، فلا يعقل ان نكون نحن والعالم على الملك والوطن، نضغط نحن ايضا من الداخل بغباء، او بقصد او بدون قصد، على الملك والموقف الرسمي تجاه فلسطين والمقدسات وصفقة القرن، فنزيد الموقف ارباكا والطين بلة.
الاجدى ان نقف بصف الملك والدولة والحكومة بهذا الخصوص، وان ندعم وقوف الملك وموقفه المعلن وصموده وجرأته غير المسبوقة، لا ان نفت في عضده ونثبط اندفاعه ونشكك في اقواله ومواقفه ومبادئه، (وما الغاءه زيارته لرومانيا امس بسبب موقف رئيسة الوزراء)، الا ردة فعل شجاعة وجريئة، من جلالة الملك تحسب له، كان لها الاثر الاكبر على قيادة وشعب رومانيا.
ليس اصعب على رب الاسرة من ان يأتيه الهجوم والاختراق من قبل زوجته وابنائه، فذلك اصعب من العدو الخارجي الذي يمكن اتقاءه بعدة اساليب ووسائل، اما ان تغتال وتخان من الداخل فذلك أسوأ الاحتمالات وانذل العلاقات.
لا يستطيع الملك ولا الاعلام ولا غيره، ان يغير مواقف ومشاعر الساخطين والحاقدين على هذا البلد،- المرابط والصامد منذ مائة عام، بإمكاناته المتواضعة والبسيطة- ليس فقط يقاوم ويصارع للبقاء بشرف وكرامة وأمن وأمان، بل يوفر الأمان والملاذ لقاصديه من ابناء العمومة والعروبة، الفارين والمشردين من لهيب النار وصقيع البرد وظلم ذوي القربى، فيجيرهم ويطعهم من جوع، ويؤمنهم من خوف، ثم يبلغهم مأمنهم، ويردهم لوطنهم مرفوعي الهامة غير خزايا ولا مفضوحين، ومن يشهد بغير ذلك فقد ظلم نفسه والاردن والاردنيين، وهو آثم قلبه، ويفتقد الامانة. ومن لا يذكر الفضل ولا يرده لأهله، ليس من اهل الفضل، ومن لا يذكر الرجال بما فيها ليس من الرجال، وانما هو مدع وفاجر ومنافق، اذا حدث كذب، واذا وعد اخلف، واذا عاهد غدر.
آلمني ان يعيد جلالة الملك ما قال في عدة اماكن ويكرر موقفه ومبدأه لكي يؤمن هؤلاء المخربون ويهدأوا...ولكني أقول: إمضِ يا جلالة الملك ولا تلتفت لهؤلاء ورثة ابي جهل وعبدالله بن سلول، فما صدقوا الرسول الكريم فهل يصدقوك؟؟