حتى لا يخيب ظن القائد بنا
بلال حسن التل
26-03-2019 11:50 PM
في حديثه بمدينة الزرقاء نقل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين معركة الوطن والأمة من وراء الستار إلى خشبة المسرح، لتتحول إلى معركة علنية يتحمل فيها كل طرف مسؤوليته اتجاه مقدسات الأمة، بعد أن ظل جلالته يخوض هذه المعركة منفرداً في المحافل الدولية لسنوات طويلة، تخلت خلالها جُل الأنظمة العربية عن القدس، بل وانحاز الكثير منها إلى معسكر الاحتلال وأنصاره، وصار يمارس معه الضغوط على الأردن ملكاً وشعباً.
عندما ينقل جلالته المعركة إلى العلن، فإنه يعلن ثقته المطلقة بالأردنيين وبوقوفهم صفاً واحداً خلف جلالته في هذه المعركة، ومن ثم سيكون كل العرب والمسلمين معهم، وحتى لا نخيب ظن القائد بنا، علينا أن نتذكر سلسلة من الحقائق التي من شأنها أن تؤكد أن ثقة جلالته في مكانها.
أول هذه الحقائق أنه عندما تبدأ معركة الوطن فإن جميع المعارك الأخرى تؤجل ومعها تؤجل كل الخلافات لأنها تصبح تفاصيل صغيرة قياساً إلى معركة الوطن، فمابالك إذا كانت هذه المعركة هي معركة وجود، كما هو واضح من التسريبات حول الصفقات التي يجري طبخها لبلادنا، والتي بسبب رفض الأردن لها يتم الضغط عليه تارة بالإغراء وتارة بالتهديد، وفي الحالتين كان جواب قيادتنا "لا" كبيرة، مما يوجب علينا أن نرتفع إلى مستوى هذا الموقف التاريخي لقيادتنا، فالأوطان وقبلها المقدسات لاتباع ولا تشترى لكنها تُحمى بوحدة الصف والموقف.
ثاني الحقائق هي أن الدفاع عن الوطن أهم بكثير من البحث عن مغانمنا وحصصنا من هذا الوطن، وهو الأمر الذي مارسناه خلال السنوات القليلة الماضية، عندما عظمنا الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وظهرت بين صفوفنا تيارات كان كل همها تحصيل الغنائم، بل لقد سعت إلى إشغال قيادتنا عن معركة الوطن بمعارك جانبية، وهو أمر يستدعي بعد حديث جلالته في الزرقاء أن نعيد ترتيب أولوياتنا، بحيث تكون وحدة الصف وحشد طاقات أبناء الوطن والدفاع عن وجوده أولويتنا الأولى، وفي هذا المجال لابد من التذكير بأن أوطان كثيرة سقطت دون أن يقتحمها عدوها بعسكره، بل بحربه النفسية وبإشاعاته التي تمزق الصفوف، وتوهن الهمم، وتضعف الثقة فالحذر الحذر من أن نسلم عقولنا إلى فبركات الغرف السوداء، وإشاعاتها الكاذبة، التي تهدف إلى زعزعة ثقتنا بأنفسنا وبدولتنا وبقيادتنا، من هنا فإن من أول أولوياتنا أن نعيد بناء ثقتنا بذلك كله، وهذا يستدعي منا عدم البحث عن أعذار ومبررات لنتقاعس عن الانخراط في معركة بناء الوطن والدفاع عنه، فكلاهما متلازمتان ضروريتان لاعذر لأحد أن فرط بأحدهما، بصرف النظر عن احساس بعضنا بالغبن وبعدم الإنصاف، فبقاء الوطن وبقاؤنا فيه مقدم على كل ما سواهما، ووحدة صفنا في هذه القضية هو أساس وحدة صف العرب والمسلمين من أجل قدسهم ومقدساتهم وللحديث بقية.
Bilal.tall@yahoo.com
الرأي