قبل أن تطلقوا الخطة الجديدة للتحفيز الإقتصادي
المهندس عادل بصبوص
26-03-2019 07:59 PM
جاء في الأخبار أن الفريق الاقتصادي الحكومي يعمل حاليا على وضع «خطة تحفيز اقتصادي» تشمل كافة القطاعات الاقتصادية لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل، وأن الخطة في اطارها النهائي وسيتم الاعلان عنها قريبا، وقد تفاجئت بالخبر وربما كثيرون مثلي، وقلت ربما هي مجرد إشاعة سرعان ما يقوم الناطقون باسم الحكومة بنفيها، أو بتصحيح الخبر كما درجوا مؤخرا، وها نحن اليوم وقد مرت ثلاثة أيام وثلث دون أن نسمع نفيا او تصحيحا، فالأمر على ما يبدو جد الجد، ولن يمضي الكثير من الوقت حتى يتم إشهار خطة التحفيز الاقتصادي العتيدة، تجليد أنيق وورق ملون صقيل، ورؤية ورسالة وأشكال ورسوم بيانية جذابة والكثير من الجداول الإحصائية وربما كلمة إفتتاحية مصاغة بعناية لدولة رئيس الوزراء.
خبر كهذا كان يمكن أن يكون بشارة طيبة تظهر جدية الحكومة في التعاطي مع المأزق الحاد الذي وصل إليه الوضع الاقتصادي في البلد، ويفترض في الوضع الطبيعي أن يقابل بما يستحق من التشجيع والترحاب، الا أن السجل الحافل بالعديد من الخطط الحكومية المتتالية التي لم تشهد تنفيذا فعليا على أرض الواقع، يدفعنا لعدم الإفراط بالتفاؤل، ولطرح العديد من الأسئلة والإستفسارات الملحة التي ننتظر سماع اجابات شافية عليها من أصحاب الشأن، حتى لا تضيع الخطة الجديدة وتلاقي المصير ذاته التي حظيت به خطط واستراتيجيات سابقة.
قبل أقل من سنتين وفي شهر أيار من العام 2017 أعلنت الحكومة السابقة عن إطلاق خطة تحفيز النمو الاقتصادي الاردني للأعوام 2018-2022 جهد مكثف وكبير قاده في ذلك الحين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية د. جعفر حسان، والهدف كان إعادة إنعاش الاقتصاد لتحقيق نمو حقيقي يرفع معدلات التشغيل ويزيد من معدلات التصدير للسلع والخدمات ويحقق شراكة حقيقة مع القطاع الخاص، وهي نفس الأهداف التي تسعى الخطة الجديدة لتحقيقها كما جاء في الخبر آنف الذكر، وقد بدأ تنفيذ الخطة التي حفلت بعشرات الأنشطة والمشاريع مع بدء العام الماضي 2018، حيث تم إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي للخطة ما زال قائما حتى الآن، يستقبل ملاحظات واستفسارات المواطنين والخبراء حول هذه الخطة ويجيب عليها، وينشر خطة العمل الشهرية .... نعم الشهرية وليس السنوية لما سوف يتم تنفيذه من مشاريع وأنشطة خلال ذلك الشهر ... تقييم ومتابعة حسب ما تنص عليه أحسن الممارسات الفضلى وبدا في ذلك الوقت أننا أمام تجربة فريدة "متعوب عليها" وأن الأمر في هذه المرة مختلف جدا وأن النتائج الطيبة والسارة قادمة لا محالة فهناك من يعمل بجد للخروج بالاقتصاد من عنق الزجاجة إلى آفاق رحبة من التنمية والازدهار.
فقط ستة أشهر أو أقل قليلا وضعت فيها الخطة موضع التنفيذ قبل أن تستقيل الحكومة وتأتي الحكومة الحالية، لم يعد يسمع أحد بتلك الخطة بعدها ... أطفئت الأنوار ... إنتهت اللعبة ... أين الطواقم التي كانت تنفذ وتعد التقارير وتملئ الدنيا ضجيجا حول الخطة التي كانت حديث الساعة .... وفجأة ماتت بالسكتة القلبية أو الدماغية لا فرق وتم دفنها تحت جنح الظلام .... لم تحظى حتى بمأتم عزاء يليق بالأيام والشهور والجهود والموارد الكبيرة التي سخرت لإنجازها ...في بلد يشكو ويئن من نقص الموارد وشحها.... وتأتي الحكومة اليوم لتعلن عن إعداد خطة تحفيز جديدة ..... دون أن تبين لنا ما هو مبرر إعداد خطة جديدة ولدينا خطة مماثلة "بحالة الوكالة .... عداد قريب من الصفر" ... هل كانت الخطة السابقة وما حوته من سياسات وبرامج ومشاريع خاطئة وغير صالحة للتنفيذ .... واذا كان الامر كذلك كيف تم تمريرها والمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء السابق والذي كان رئيس الوزراء الحالي عضوا فاعلا فيه.... ما الذي تغير ويستدعي هدر مزيد من الوقت والجهد والمال لإعداد خطة بديلة ...
لن يكون لأي خطة جديدة أي قدر من المصداقية .... ما لم تقدم الحكومة اجابات واضحة وتبريرات منطقية لوقف العمل بالخطة السابقة .... واستبدالها بخطة جديدة لن يكتب النجاح لها ابدا وستضاف إلى سلسلة الإخفاقات الحكومية التي لا تنتهي ...
حمى الله الوطن وجنبه كل مكروه.