قد تُفاجأ حِيِنَمَا تعلم أن هُنَاكَ طائفة تعيش فِي القرن الحادي وَالعِشْرين، تحرم الكهرباء، واستعمال النُّقُود، وأي نوع من أنْوَاع التكنولوجيا، بَلْ ولا يَجُوز لأتباعها استخدام الْهاتِف بأيِّ شكل من الأشكال، أوْ ركوب السَّيَّارات، وَيَقُوُمُونَ بتفسير الإنجيل بِطَرِيقَة حرفية، وَيُريدونَ العيش كَمَا كانَ يَعِيْش النَّاس قبل آلاف السنين، ويعدون أي تغيير فِي طَرِيقَة العيش بدعة وكفر.
أتحدث هُنا عَن طائفة الأميش (Amish)، وَهِيَ طائفة مسيحية يزيد عدد أتباعها عَن ربع مليون إنسان فِي العالم، تعرضوا للاضطهاد واتهامهم بالكفر من قبل الأوربيين خاصة من أصحاب مذهبي الكاثوليك، والبروتستانت، وفِي العشرينيات من القرن الثامن عشر لجأوا إلى مقاطعة لانكستر فِي أمريكا، وإلى أماكن أخْرَى، وأكثر ما يميز هَذِهِ الطائفة الَّتِي لَدَيْهِا مَبَادِئ غَرِيبَة هِيَ رفضهم للتكنولوجيا وانعزالهم عَن العالم.
لا تؤمن هَذِهِ الطائفة بالتغيرات الَّتِي حصلت فِي العالم، فهم يُريدونَ العيش بأسلوب الْحَياة كَمَا فِي الإنجيل، ويؤمنون بتعليماته بِشَكْل حرفي، بَعَيدًا عَن أي اجتهاد، أوْ إسقاط للتغيرات الحَديثَة، ولا يَسْتَخْدِمُونْ الكهرباء، ولا السَّيَّارات، ولا النُّقُود إلا فِي حَالات طارئة وضيقة جِدًّا، وما زالوا يستعملون العَربات الَّتِي تجرها الأحصنة، ويحرمون تنظيم النسل، واستعمال المكياج أوْ المجوهرات للنساء، وَيَجِبُ عَلَى المرأة أن تبقى فِي الـمَنْزِل لتخدم زوجها، وأطفالها، ولا يَجُوز لَهَا عصيان زوجها أبدًا.
لا يَدْخُل الأميش أبناءهم إلى الـمَدَارِس، وهَذَا اضطر الحُكومَة الأمريكية إلى إصدار قانون خاص عام 1972م يستثني أطفالهم من التَّعْلِيم الإلزامي، يحرم الأميش عَلَى الرجال حلق اللحية، وَيَجِبُ عَلَى المرأة ارتداء الحِجاب – الأبيض للمتزوجات، والأسود لغير المتزوجات-، وَالـمَلابِس الفضفاضة، ويحظر عَلَى النِّسَاء قص شعورهن.
وَالغَرِيب أن هَذِهِ الطائفة تحرم التصوير آخذين هَذِهِ الحرمة من سفر الخُرُوج، وَفِي حَالَة شراء ألعاب لِلْبناتِ يَقُوُمُونَ بمحي صُورة الوجه عَنْهَا، إضافة إلى أنهم يحرمون الـمُوسِيقَى، ويعتبرون أن أي شَخْص لا يتبع طريقتهم الغريبة فِي تفسير الكُتُب المقدسة مبتدعا، وَيَجِبُ فِي تِلْكَ الحَالَة عَلَى زَوْجَتهُ ألا تقربه.
يحرم الأميش أيضًا الكحول، والجنس قبل الزواج، وَبَعْضَهُم يحرم عَلَى المرأة قيادة العَربات (الَّتِي تجر بالأحصنة) والقليل مِنْهُم يسمحون لَهُنَّ بِذَلِكَ شريطة وُجُود نساء مَعَهُنَّ أوْ بالغين.
الغَرِيب أن الحَالَة العقلية الَّتِي تعيش فِيهِا هَذِهِ الطائفة بِحَيْثُ تظن أن الدين يحث عَلَى العيش بأساليبَ القُدماء، مَوْجودَة فِي الأديان كلها، وَلَكِن بِشَكْل مُخْتَلِف، ولَهُ تعبيرات أخْرَى.
توقف الزمن بِهَذِهِ الطائفة مُنْذُ آلاف السنين، ومِن يراهم يظن أنهم قادمون من الزمن البَعيد، أوْ أنهم جزء من فلم درامي تاريخي. ترى هَلْ هُنَاكَ بيننا من حنط عقله ليبقى يَعِيْش بأساليبَ الـمَاضِي؟ مُجَرَّد سؤال.
Mrajaby1971@gmail.com