*في ذاكرة عمانية (21/3/1968م)، كانت تنتشر إخبار عن اشتباكٍ مع العدو الصهيوني في (منطقة الأغوار)، لم يكن مصدرها الإعلام الأردني، الذي أذاع خبراً أن قوات عدوانية اجتازت النهر... ولم تحرز تقدماً ملموساً، أما الإخبار العالمية فكانت تتحدث عن (معركة عسكرية)، وبعد ساعات، أدرك المواطن الأردني أن ثمة عدواناً خطيراً يجري على منطقة الكرامة، وما أن انتهت المعركة بانسحاب العدو الصهيوني... حتى تحول الحس الوطني إلى فخر واعتزاز... وكان الأطفال يلتقطون الصور من على سيارات عسكرية صهيونية قرب المدرّج الروماني...
*بدأت خطورة المعركة تتضح للمواطنين الأردنيين، عندما كشفت الأهداف الصهيونية، معنوياً كان الهدف ضرب الروح المعنوية الوطنية وكسر الصمود الأردني، وعسكرياً، احتلال مواقع محددة تشرف على غور الأردن، وفي الوقت نفسه، فقد كان الأردن يعيد بناء قواته بعد حرب حزيران (1967)، أي قبل عام تقريباً، وبرفع من الروح الوطنية، عسكرياً وشعبياً... وما أن جاءت الفرصة حتى وجد حماة الديار فرصتهم في إثبات قدراتهم القتالية، بمعنويات عالية تحاكي بطولاتهم في معركة باب الواد ومعركة إنقاذ القدس الشرقية بمقدساتها وتراثها في حرب (1948).
*كان من الطبيعي أن يعزز الانتصار الأردني من خلال التعريف بالمعركة، وخطورة الأهداف الصهيونية ، وكانت (التربية) هي الميدان الذي تنطلق منه أداة ذلك التعريف، وبالتنسيق ما بين وزارة التربية والتعليم و(التوجيه المعنوي/ الجيش العربي)، فقد كان انطلاق الحافلات العسكرية من نادي الضباط في الزرقاء، تحمل مائة وعشرين قائداً تربوياً من مختلف ألوية المملكة ... وسارت الحافلات مع نخبة من الضباط للتعريف (بأرض المعركة) أودية وخنادق ومواقع مُحصّنة، مع توضيح لمجريات المعركة، والوقوف عند مفاصلها الرئيسية، وتنتهي المسيرة عند مقر قيادة المعركة، في موقعها تحت الأرض، للاستماع لشرح مفصل عن المعركة، أهدافاً وخططاً للعدو الصهيوني، والخطة الوطنية المضادة، ومشاهدة سير المعركة، فكانت توضيحاً لما مرّ به أولئك القادة التربويون وشاهدوه على أرض الواقع.
* وكانت الخطوة التالية، أن قامت وزارة التربية والتعليم بتشكيل (لجنة ثلاثية) وضعت وثيقة تعريفية بالمعركة، من مختلف جوانبها... أهدافاً وخططاً ونتائج، وأهمية ذلك في رفع المعنويات الوطنية، والروح القتالية الأردنية التي كانت تنتظر مثل هذه المعركة، لتضع حداً لخرافة (الجيش الصهيوني الذي لا يقهر) إذا ما توافرت العزيمة، متمثلة بالروح الوطنية، والدعم الشعبي، ومن الجدير بالذكر، أن ما احتلته هذه المعركة من اهتمام إعلامي على الصعيد الخارجي كان يفوق دور الإعلام المحلي آنذاك، والذي أدى دوراً معروفاً ومقدراً.
*وضعت وزارة التربية والتعليم، الوثيقة المشار إليها، بين أيدي الإدارات المدرسية في جميع مدارس المملكة بضفتيها آنذاك، لتحتل حصتيْن من البرنامج اليومي، ليس لمجرد قراءة الوثيقة ... بل لإتاحة الفرصة للطلبة للتعبير عن مشاعرهم الوطنية بمختلف السبل والأساليب، بأشراف تربوي للإدارات المدرسية.
* وبعد مضي ثلاثين عاماً، عام (1998)، تمّ الاحتفال بيوم الكرامة بالأسلوب نفسه، مشاركات طلابية متنوعة، فكانت المدارس ذلك اليوم لحصتيْن تحتفل بهذه المناسبة، وفي الوقت نفسه كانت الفرق الكشفية والمرشدات تحتفل عن (الجندي المجهول)...
* كان يوماً وطنياً لطلبة المدارس، عام (1998،1968) وما أحوجنا لأيام كذلك لتعزيز الانتماء الوطني.
الدستور