خلال الأیام القلیلة الماضیة قفزت مشكلة الغارمات إلى قمة اھتمامات الرأي العام الأردني، فقد دفعت المبادرة الملكیة بإطلاق حملة التبرع وقیام بعض الشركات والمؤسسات العامة بالتبرع عبر وسائل الاعلام للسؤال والحوار حول ھذه الظاھرة والاسباب التي أدت إلى وجودھا والوصول بھا إلى ھذا الحجم.
المعلومات المتوفرة عن الظاھرة تشیر إلى سعة انتشارھا وتورط آلاف النساء لدرجة تشي بوجود مخاطرات كبیرة في الاقراض والادارة والضمانات والتي لا تحصل بمثل ھذا الحجم في الظروف التي یرتبط فیھا الاقراض بالتنمیة والتشغیل حسب القواعد المعروفة عالمیا.
الكثیر من النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجالس وبین فئات المجتمع ممن سمعوا بالظاھرة وحجمھا وجغرافیة انتشارھا والطبیعة القانونیة والاقتصادیة والاجتماعیة والجندریة والاداریة والعمریة تناول ادوار الجھات الممولة والمقرضة والرقابیة اكثر مما توجھ للسیدات اللواتي وقعن في صدام مع القانون.
أعداد النساء وقیمة المبالغ ومصادر الاقراض وشروطھا وسبب التأخیر عن الدفع واكتظاظ المحاكم بمثل ھذه القضایا وتأثیر الظاھرة وانتشارھا على الرأي العام والسعي للتعامل معھا بھذه الطریقة امور تحتاج إلى بحث ودراسة لإصدار بیانات تبدد ما أثیر ویثار من قصص واشاعات حول الموضوع.
الكثیر ممن تابعوا القضیة وأبعادھا استذكروا قضایا البورصات والتعزیم التي عانت منھا البلاد خلال العقد الاخیر فھي تحمل نفس البصمة والكثیر من السمات والخصائص التي ظھرت في تلك القضایا و ما تزال ذیولھا وتداعیاتھا تؤثر على اقتصاد واخلاقیات العمل والاستثمار.
البعض ممن تابعوا القضیة تساءلوا عن اسباب تجدد الظواھر وتكرارھا واستمرار نمط التعاطي مع المتسببین بھا والسكوت على تنامیھا وتجاھل انتشارھا في مجتمع یزخر بالمؤسسات والاجھزة الرقابیة التي تعرف دقائق الامور في كافة جوانب الحیاة.
العودة في استخدام مفھوم الغارمات للتعاطي مع قضیة جرمیة حسب القوانین الساریة قضیة مثیرة ھي الاخرى فبالرغم من وجود مفھوم الغرم والغارمین في الثقافة الدینیة الا ان المجتمع امام جرائم یجري التعاطي معھا حسب قانون العقوبات ولیس أي قانون آخر.
الحملة التي اطلقت لإنقاذ الآلاف من النساء ممن حصلن على القروض والتسھیلات المالیة لأغراض التنمیة والتشغیل واقامة المشروعات والنھوض بالأعباء التي تقع على الأسر جراء الازمات والظروف الاقتصادیة الصعبة، مقدرة جدا، ولكن من المھم التعرف الدقیق والتقییم الموضوعي للصنادیق التي تأسست لإعانة المرأة ومراجعة التشریعات والانظمة التي تعمل بموجبھا والاجراءات التي تتخذھا لتھیئة وتأھیل النساء للقیام بالمشروعات واسالیب الرقابة والمساعدة اثناء الإدارة لھذه المشروعات. ومن الضروري التأكد من مواردھا ونسب الفوائد التي تتقاضاھا لتصحیح التجربة التنمویة ولكي لا تتحول تدخلاتنا التنمویة إلى كوارث تطال الاسر التي نساعدھا والمجتمعات التي نحرص على بنائھا وتماسكھا.
ما حدث في قضیة ”الغارمات“ یحتاج إلى تحقیق واسع یطال قطاعا مھملا یعمل بطرق غیر معروفة تماما تحت عناوین نبیلة.
الغد