فرص الإصلاح والتغيير في مجلس النواب
جميل النمري
07-09-2009 06:43 AM
المعركة المتكررة على رئاسة مجلس النواب كل عام هي خصوصية أردنية طريفة. ففي الديمقراطيات الراسخة تشكل بندا هامشيا محسوما بعد الانتخابات العامّة، وتحسم لمرّة واحدة ولعمر المجلس كلّه لشخصية رئيسية من الأغلبية أو بالتوافق بين الأغلبية والأقلية، خصوصا وأن قيمة المنصب بروتوكولية فقط في ظلّ تقاليد وأنظمة مؤسسية لا تترك كثيرا من السلطة الفعلية لهذا المنصب.
أمّا هنا، حيث مجلس النواب ليس طرفا فعليا في تقرير السلطة التنفيذية والمناصب العامّة، فالمنافسة الوحيدة الباقية هي على المناصب الداخلية المتجددة سنويا! وهي منافسة ذات طابع شخصي صرف تتصدر المشهد السياسي والحراك النيابي في ظلّ غياب الأحزاب.
الجديد المثير هذه المرّة هو انقسام المجلس إلى تجمعين ضخمين، هما كتلة التيار الوطني و"ائتلاف الاصلاح والتغيير". وكانت ولادة كتلة التيار الوطني النيابي بزعامة المهندس عبدالهادي المجالي بعدد يفوق نصف اعضاء مجلس النواب هي الواقعة الأولى المثيرة في مطلع عمر المجلس الحالي، وتعززت إقامة المجالي المديدة على رأس المجلس بهذا التشكيل الذي حسم أيضا كل المناصب الأخرى بصفقة مع الكتلة الثانية والوحيدة التي نشأت وهي كتلة الإخاء، التي غلب عليها الطابع الشبابي تاركة الأقطاب التقليديين على الهامش.
هذه التجربة القاسية دفعت إلى محاولات تشكيل كتل أخرى، لكن المنافسة على المنصب الأول لأي من الأقطاب الطامحين ستكون مستحيلة من دون لقاء جميع الآخرين في مواجهة الكتلة الضخمة للتيار الوطني (53 نائبا). وهذا التجميع ليس ممكنا إلا بطرح هدف التغيير قبل طرح اسم بعينه والتغيير يجب أن يرتبط بأهداف وبرنامج إصلاحي، فأخذ الائتلاف اسماً موفقا هو "الإصلاح والتغيير"، ويتوجب سريعا إلحاق العنوان ببرنامج ملموس يترجم شعار "الإصلاح".
الإصلاح أصبح مطلبا عاما وقد فشل المجلس في الماضي في إجراء تطوير جوهري على النظام الداخلي وآليات العمل وحصلت سجالات حامية حول الحاجة إلى التحديث والإصلاح لواقع المجلس وأدائه المتسم بعدم الفعالية وغياب الشفافية وتردّي المشاركة والمؤسسية، حتّى المجالي نفسه لا يستطيع تجاهل هذه الحقيقة، ويحتاج إلى سحب البساط من تحت أقدام المعارضة بالتجاوب مع مطالب الإصلاح ببرنامج محدد وملموس.
مشكلة الائتلاف الناشئ أن رموزه المقترحة للمنافسة قديمة ومختبرة، ولا تباهي بأي سجل اصلاحي، ربما نستثني أحدث المنافسين (المحتملين) د. ممدوح العبادي، الذي يحمل نكهة سياسية وأسلوبا مختلفا، لكنه هو أيضاً يواجه نفس المهمّة "الخارقة!" لتحقيق إجماع غير منقوص لكلّ من همّ خارج كتلة التيار الوطني.
سيحاول الائتلاف، الذي لم يقف على قدميه بعد، تقديم أولوية البديل لرئاسة المجلس وفصله كليا عن موضوع المناصب الأخرى، لكن هذه المحاولة قد تكون مثالية، إذ سيكون مستحيلا تنحية الحسابات والطموحات التي تتنازع الكتل والأفراد. وهنا فإن كتلة موحدة مثل التيار الوطني ستكون اقدر على مقايضة الطامحين وإغرائهم لجميع المناصب الأخرى في المكتب الدائم ورئاسات اللجان مقابل ضمان التجديد لرئيس المجلس الحالي.
قضية "التغيير والإصلاح" اكتسبت زخماً موضوعياً كبيراً، بينما فسيفسائية المصالح والحسابات قد تبدد قضية التغيير تبقى قضيّة الاصلاح هي الفائز المحتمل في هذه المنافسة.
jamil.nimri@alghad.jo