عندما كتبت ان اوباما المرشح أقوى من اوباما الرئيس, وان الرئيس الامريكي الاسمر يواجه ضغوطاً من المحافظين والصهاينة داخل الساحة الامريكية تصاحبها حملة اعلامية منظمة, اعتقد البعض أنني بالغت في وصف هذا الواقع, كما بالغت في التشاؤم...
ولكن الحقيقة تثبت ان الحملة اليهودية والمحافظة داخل الساحة الامريكية بلغت ذروتها ضد اوباما, كما ان نتنياهو يمارس ضغوطه على الادارة الامريكية بتمرده على رغباتها حين أمر باستمرار وتسريع الاستيطان, اضافة الى مواصلة اضعاف السلطة الفلسطينية لاثبات عدم وجود شريك فلسطيني على طاولة التفاوض من أجل الحل السلمي, وهي المقولة التي اطلقها ايهود باراك عندما كان رئيساً لحكومة اسرائيل...
والثابت الآن ان نتنياهو يسير على خطى شارون الذي لم يكن مقتنعاً بالحل, وهو لا يؤمن بحل سلمي مع الفلسطينيين والعرب الآن, لذلك يواصل اضعاف السلطة وفرض الحصار على غزة في غياب دور عربي, إضافة الى تمرده على رغبات ورؤية الادارة الامريكية, بحيث نشطت الآلة السياسية والاعلامية التابعة للمحافظين واللوبي الصهيوني في الساحة الامريكية من أجل عرقلة أي دور امريكي ضاغط, ودفع الرئيس اوباما على التراجع عن وعوده التي اطلقها في حملته الانتخابية وبداية عهده في البيت الابيض بوجوب التوصل الى حل في الشرق الاوسط...
المحافظون والصهاينة استخدموا الفشل الأمني في العراق والتصعيد »الطالباني« في أفغانستان لاضعاف الرئيس الامريكي واثبات عجزه في بداية عهده, واجباره على التراجع خطوة الى الخلف بالنسبة للضغط على اسرائيل حول الاستيطان رغم الجائزة التي وعدهم بها وهي التطبيع التدريجي مع عدد من الدول العربية, التي اصبحت جاهزة وناضجة »مستوية« لتنفيذ الرغبة الامريكية!!.
وسبب الرفض الاسرائيلي للمبادرة الامريكية التي اصبحت جاهزة, هو عدم قناعة حكومة اسرائيل اليمينية المتطرفة بالتوصل الى حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني, فهم يريدون فض حل الأمر الواقع, وذلك لعدم وجود سلطة فلسطينية قوية مقتدرة, وعدم وجود اجواء عربية ودولية, تجبر اسرائيل على الدخول في العملية السلمية..
فهم, أي الاسرائيليين, يعرفون تفاصيل المبادرة الامريكية, فهي تنسجم مع قراراتهم ورغباتهم, مثل ابقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت السيطرة الاسرائيلية, وتطلب من الفلسطينيين التنازل عن حق عودة اللاجئين الى ديارهم التي احتلت عام .1948 اضافة الى تسوية حول مدينة القدس المحتلة في مرحلة لاحقة, مقابل تطبيع مع الدول العربية...
ولكن اسرائيل التي افشلت اتفاق اوسلو, ومؤتمر كامب ديفيد, ومؤتمر انابوليس, وخارطة الطريق قادرة الآن على نسف مبادرة اوباما رغم عدم عدالتها وعدم قدرتها على تحقيق حل عادل, وهي تسعى الى تسوية, أو بالاحرى, تصفية القضية الفلسطينية, مع ضرورة التأكيد ان الاوضاع الراهنة الفلسطينية والحالة العربية, والاجواء الدولية, لا تعطي سوى هذه النتائج السيئة بل الأسوأ...
اخيراً, أكرر أنني لست متفائلاً بأية مبادرة, لأننا لا نملك أي خيار غير خيار الصمت, أما رهاننا على مبادرة الرئيس اوباما, فهو رهان خاسر لان قوى الشر في امريكا واسرائيل ستحشره في زاوية حتى تخور قواه ويخمد حماسه تحت ضربات مطرفة المحافظين الجدد وسندان اليهود في امريكا واسرائيل...
Kawash.m@gmail.com