اليوم التالي لإعلان صفقة القرن
د. عبدالله صوالحة
25-03-2019 03:20 PM
من المفترض أن تقوم الإدارة الأمريكية بطرح خطتها للسلام المعروفة إعلاميا بصفقة القرن بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة في التاسع من أبريل، وحسبما هو متاح من معلومات ضئيلة حول هذه الخطة فإنه من المحتمل جدا أن تقوم القيادة الفلسطينية برفض المقترح تأكيدا على موقفها الحالي أيضا القائم على عدم الموافقة الجلوس إلى طاولة النقاشات مع الإدارة الأمريكية، والحقيقة أنه لا السلطة الفلسطينية ولا أي جهات أخرى تعرف ما هو محتوى هذه الخطة، وهذا مايؤكده الجانب الأمريكي دائما من أن القيادة الفلسطينية ترفض عرضا لم يقدم لها بعد ولَم تطلع على تفاصيله.
وللإنصاف نقول إن الفريق المكلف من قبل الإدارة الأمريكية لوضع خطة السلام قد نجح في الحفاظ على سرية البنود بشكل مذهل، فلم يدعٍ أحد لا من السياسيين ولا من الصحافيين سواء من المقربين للبيت الأبيض أو لدوائر صنع القرار في الخارجية الأمريكية أنه اطلع على مضمونها، ولَم يستطع أحد الحصول على تسريبات منها، على عكس الخطط السابقة التي كانت تتسرب للإعلام ويجري نقاشات بشأنها وتصبح مادة للتنافس والصراع السياسي مما يعجل من فشلها.
السؤال المطروح اليوم ما هو السيناريو المتصور لليوم التالي لإعلان خطة السلام الأمريكية، إذا أخذنا بعين الاعتبار الرفض الفلسطيني المتوقع، نبقى أمام موقف الدول العربية وموقف إسرائيل نفسها، بالنسبة للدول العربية فإنها على الأرجح لن تقول نعم لهذه الخطة إذا رفضها الفلسطينيون ولكنها ستقول لا بتحفظ، حيث يعرف عدد من قادة الدول العربية أن هناك بنودا تتضمنها هذه الخطة تحمل بوادر إيجابية حيث صرح الرئيس ترامب وبعض مستشارية أن هناك أمورا قد تكرهها إسرائيل، فما هي الأشياء التي قد ترفضها إسرائيل، هذا يقودنا إلى موقف بعض الأطراف الإسرائيلية اليمينية التي أعلنت صراحة رفضها لهذه الخطة فقد قالت إيليت شاكيد وزيرة العدل الإسرائيلية في ردها على هذه الخطة :" إن المسافة بين الإسرائيليين والفلسطينين كبيرة للغاية وأضافت: لا أعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق، أود أن أقول للرئيس ترامب لا تضيع الوقت".
لكن الفرق بين الرفض الإسرائيلي والرفض الفلسطيني أن الرفض الإسرائيلي يمثل رأي حزب واحد أو أقلية محددة بينما الرفض الفلسطيني هو على مستوى القيادة السياسية كلها وموقفا رسميا للسلطة الفلسطينية.
من الجدير ذكره هنا أن مستشار الرئيس ترامب جارد كوشنر قال إن القيادة الفلسطينية ترفض هذه الخطة مسبقا لعلمها أن الشعب الفلسطيني ربما تعجبه بعض بنودها ومقترحاتها خاصة في الشأن الاقتصادي، لا نريد أن ندخل في تفسير تصريحات كوشنر وتأويلاتها لكننا نسأل على ماذا اعتمد في هذا التصريح وهل حقا تحمل هذه الخطة أموراً إيجابية؟ ربما يجب أن ننتظر.
ولنفترض أن جامعة الدول العربية تبنت موقف السلطة الفلسطينية ورفضت الخطة، هل هناك بديل لدى الفلسطينين والجامعة العربية بتقديمه للطرف الأمريكي في المقابل، فإذا علمنا بأن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات ومصالح استراتيجية مع كثير من الدول العربية المعنية بعملية السلام فهل تكتفي منهم بالرفض، أليس من المرجح أن تطلب الإدارة الأمريكية من شركائها في المنطقة العربية خطط بديلة وماذا سيكون موقف الدول العربية.
النقطة الأخرى الأهم هل لدى الجامعة العربية بديل عملي ومستدام لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين أنروا، وفي ظل قرار الولايات المتحدة بوقف تمويل السلطة الفلسطينية هل ستقوم الجامعة العربية بسد هذا الفراغ وخاصة بناء ودعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وهل يوجد بديل للحفاظ على الاقتصاد الفلسطيني واستمرار عملية بناء المؤسسات وأجهزة السلطة في الضفة الغربية ناهيك عن إنعاش الاقتصاد وتخفيف معاناة أهل غزة.
وأخيرا هل تكريس الوضع القائم (اللاحل) يخدم الجانب الفلسطيني أم يخدم الجانب الإسرائيلي؟ على الدول العربية ممثلة بالجامعة ووزراء الخارجية العرب توفير أجوبة على جميع هذه الأسئلة والاستعداد لليوم التالي.
Mutaz876@gmail.com