لم يكن الرئيس الاميركي دونالد ترامب متديناً في أي فترة من فترات عمره إلا أنه وبعد نجاحه المفاجئ في الانتخابات الرئاسية بدأت تظهر على خطابه السياسي بعض الملامح والمصطلحات ذات الايحاء الديني، وهو ما استطعت تفسيره لاحقاً من خلال متابعتي وقراءتي لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي نجح في إنجازها الملياردير الصهيوني والصديق الصدوق لنتنياهو «شيلدون ادلسون» بين ترامب والكنيسة الانجيلية – الصهيونية والتي وفرت عملياً فرص نجاحه على منافسته هيلاري كلينتون والتي كانت استطلاعات الراي وتقديرات مراكز الأبحاث تقول انها ستكون المرأة الاولى التي ستجلس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض وستتولى الرئاسة في الولايات المتحدة.
كان الاستحقاق الذي قدمه ترامب بعد نجاحه وبعد حلف اليمين الدستورية وضمن صفقة تاريخية مهمة بين ترامب والانجيليين عبر ادلسون ان قام بتعين مايك بنس نائباً للرئيس على ان يقوم لاحقاً في استبعاد كل ما لا يوافق ولا ينسجم مع تطرفه (اليميني)، وأكمل إنجاز الصفقة بعد قرابة عام من انتخابه بأن قام بتعين مايك بومبيو وزيراً للخارجية وهو (انجيلي – صهيوني) متعصب بدلاً من ريكس تيلرسون والذي اعترف بانه كان سداً منيعاً بوجه قرارات ترامب السياسية التي تخترق القانون الدولي، وقام بتعيين جون بولتون وهو من ذات المدرسة والتوجه بل اكثرهم تطرفاً في الانحياز لإسرائيل بدلاً من مايكل فلين الذي اتهم باجراء اتصالات غير معلنة مع الروس.
لقد غُسل دماغ ترامب للدرجة التي جرى فيها إقناعه بأنه «مفوض» من الرب أي السيد المسيح بأن يتولى ترتيب كافة الأمور التي من شأنها تسهيل عودة المسيح ومن أبرزها اعتبار القدس عاصمة أبدية لما يسمى بدولة إسرائيل، وهي الخطوة الضرورية حسب الانجيليين الصهاينة لترتيب تلك العودة التي سيعقبها بناء الهيكل المزعوم في المكان المقام به المسجد الأقصى وليس قبة الصخرة والفرق هنا كبير.
ومن ضمن ما علمت به أنه جرى اقناع ترامب بأنه سيكون بمثابة «بلفور آخر» وإنه بات يملك إطلاق الوعود وان «الرب» سوف ييسرها له ويدخله التاريخ، واعتقد ان حديثه عن الجولان وانها اسرائيلية، هو ناتج عن قناعته بانه «مبشر» وما يجعلني على قناعة تامة بما اكتبه هو تعليق وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو على موقف ترامب من الجولان والذي قال فيه (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يكون هدية من الرب لإنقاذ اليهود من إيران).
وأضاف بومبيو، في مقابلة مع شبكة الإذاعة المسيحية خلال زيارته الاخيرة إلى إسرائيل، «إن إيمانه يجعله يصدق ذلك».
وأشاد الوزير الأمريكي خلال المقابلة، بالجهود الأمريكية «لضمان بقاء هذه الديمقراطية في الشرق الأوسط، وبقاء الدولة اليهودية».
ماذا يعني هذا؟
هذا يعني اننا في مواجهة إدارة غير مسبوقة في (صهيونيتها)، وغير مسبوقة في عدائها للعرب، وهو ما يتطلب منا تخيل حجم الضغط الذي مورس وسيمارس على الأردن وعلى شخص جلالة الملك للقبول بـ «صفقة القرن» وتحديداً فيما يتعلق بموضوع القدس، وهذا ايضاً ما يفسر لنا انهيار بعض الاشقاء العرب امام الضغوط الأميركية وقبولهم بالاتصال مع إسرائيل، وهذا ما يفسر لنا غضب الملك وصلابته في التاكيد على أن القدس ستبقى عربية تحت الوصاية الهاشمية.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي