"أيباك" في عين الانقسامات الحزبية الأميركية
24-03-2019 01:39 PM
عمون- لطالما لعبت "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" دورا محوريا في ضمان حصول الدولة العبرية على تأييد كلّي من الولايات المتحدة، لكنها باتت اليوم في عين الانقسامات الحزبية النادرة في واشنطن إذ لم يتأكد حضور أي من المرشحين الديموقراطيين للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة مؤتمر "أيباك" السنوي.
ويأتي التحول في ظل أجواء مشحونة سياسيا في إسرائيل التي يتوقع أن يحضر رئيس وزرائها اليميني بنيامين نتاينياهو مؤتمر أيباك السنوي الذي ينطلق الأحد في واشنطن قبل أسوعين من الانتخابات التشريعية في بلاده.
واستغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يتوقع أن يستقبل نتانياهو بحفاوة، غياب الديموقراطيين عن المؤتمر ليقول للصحافيين الجمعة "إنهم معادون تماما لإسرائيل. بصراحة، أعتقد أنهم معادون لليهود".
وبينما برر بعض المرشحين الديموقراطيين غيابهم بجدول أعمالهم المزدحم لم يعط البعض الآخر أي مبررات. لكن أحد معاوني السناتور بيرني ساندرز، وهو يهودي، قال إن السياسي الاشتراكي يشعر بالقلق من أن أيباك توفر منصة "لقادة أظهروا تعصبا ويعارضون حل الدولتين".
ولطالما وقف ترامب بقوة إلى جانب نتانياهو، فدعم موقفه المتشدد حيال إيران وقام بخطوات اعتبرت من المحظورات في الماضي على غرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بينما دعا الخميس للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي انتزعتها الدولة العبرية من سوريا عام 1967.
لكن اليهود الأميركيين يميلون إلى اليسار فيما أظهر استطلاع أجراه مؤخرا مركز "بيو" للأبحاث أن 24 بالمئة فقط منهم موافقون على أداء ترامب في السلطة.
وفي هذا السياق، قال رئيس مجموعة "جاي ستريت" اليهودية الليبرالية جيريمي بن-عامي إن "أيباك في وضع صعب إذ من المفترض أن تكون صوت الجالية المؤيدة لإسرائيل، لكن في الواقع تعارض الجالية اليهودية بالكامل حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة".
- لا تزال تحقق أهدافها -
ورغم ذلك، لا يمكن القول إن أيباك خسرت الديموقراطيين. ففي حين لم يحضر المرشحون، ستتحدث كبار شخصيات الحزب في الكونغرس خلال مؤتمر أيباك بينهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.
ولا تواجه أهداف أيباك التشريعية انتكاسة جدية كبيرة. وتعد إسرائيل الجهة التي تحصل على أكبر نسبة من المساعدات الأميركية إذ حظيت في عام 2018 المالي على تمويل عسكري من واشنطن بقيمة أكثر من ثلاثة مليارات دولار.
وقال مدير مكتب أيباك في واشنطن جاسون إيزاكسون "أعتقد أنها حقيقة راسخة أن هناك دعما كاسحا من الحزبين في كابيتول هيل ويتساوى عمق هذا الدعم ضمن صفوف الحزب الديموقراطي مع عمقه في أوساط الحزب الجمهوري".
ويشير بعض المحللين إلى أن دعم ترامب القوي لنتانياهو سببه ديني ومرتبط أكثر بالمسيحيين الإنجيليين، الفئة المخلصة لإسرائيل، إذ أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على معتقداته الدينية عندما زار القدس الخميس.
وأظهر استطلاع أجراه معهد "غالوب" مؤخرا أن 76 بالمئة من الجمهوريين في الولايات المتحدة يتعاطفون مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين، مقارنة بـ43 بالمئة من الديموقراطيين.
- "أيباك" عند "منعطف" -
من جهتها، رأت دينا بديع المسؤولة عن برنامج الدراسات الدولية في كلية "سينتر" في جامعة كنتاكي أن أيباك تقف عند "منعطف" بعد عقود من قدرتها على الوصول إلى الحزبين.
وقالت "أيباك لا تتغير. بقيت ثابتة بشكل كبير في ما يتعلق بنهجها حيال الضغط وأجندتها التشريعية ونوعية أولوياتها. ما تغيّر هو الظروف السياسية والبيئة التي تعمل في ظلها".
وأضافت أن نتانياهو همش الأميركيين اصحاب الميول اليسارية بمن فيهم اليهود الأميركيون عبر توجهاته اليمينية في وقت ازداد الاستقطاب في الولايات المتحدة.
وأفادت "لطالما اتبعت أيباك نهجا متشددا تماشى مع طريقة تعامل نتانياهو مع الفلسطينيين، لكن بما أنه يُنظر إلى نتانياهو على أنه شخصية سامّة في الدوائر التقدمية، بات توافق أيباك مع نهجه حقيقة مستساغة بشكل أقل بالنسبة للديموقراطيين".
وأوضحت أنه بينما لا تسعى أيباك للتحزّب، إلا أن نفوذها قد يتراجع في حال وصل الديموقراطيون للسلطة إذا ثبت أن مؤتمرها لهذا العام لم يكن إلا انعكاسا للواقع.
وأثارت النائبة الديموقراطية المسلمة إلهان عمر التي دخلت مجلس النواب مؤخرا الغضب حتى بين كثيرين في حزبها عندما أشارت الشهر الماضي إلى أن أنصار إسرائيل يظهرون "ولاء إلى بلد أجنبي".
واعتذرت عن التصريح الذي اعتبر معاد للسامية لكن الجمهوريين أصروا على أنه دليل على التعصب الذي يشق طريقه إلى دوائر صنع القرار في واشنطن.
ولكن بن-عامي من "جي ستريت" رأى أن التركيز على تصريحات عمر في غير مكانه مشيرا الى أن المسلح الذي قتل 11 شخصا في كنيس في بيتسبرغ العام الماضي كان غاضبا من دعم اليهود للاجئين.
وقال إن "نموذج معاداة السامية الذي يشكل تهديدا حقيقيا لا يأتي من اليسار بل من اليمين. وهذا هو الوضع في كل أنحاء العالم لا هنا فقط بحيث يأتي من المستبدين والمتعصبين عرقيا الذين لا يدعمهم ترامب وحده، بل نتانياهو كذلك". (ا ف ب)