ادارت دولة نيوزيلندا الازمة التي تعرضت لها جراء العملية الارهابة التي راح ضحيتها ما يقارب الـ 50 شهيدا و الـ 30 جريحا بكل حنكة واقتدار مسجلة نقاطا لمصلحتها بسبب حصافة الادارة بعيدا عن الارتباك والفزعة.
وخرجت هذه الدولة التي لم يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة من هذه العملية الجديدة والغريبة عليها قوية بفضل التعامل المنظم وردات الفعل المحسوبة بدقة وعفوية؛ إذ تصدرت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، رئيسة حزب العمال، المشهد بكامل تفاصيله وكانت تصرفاتها ورداتها محسوبة بدقة تتميز بالهدوء والروية وفي الوقت المناسب.
وعلى الرغم من هول المصبية التي رفضها المجتمع الدولي باسره وهزت العالم كله، الا ان طريقة التعامل الذي ابدته رئيسة الوزراء والشعب النيوزيلندي ابهر العالم اكثر بعد ان خرجت للعالم مباشرة بتصريحات واضحة وشفافة معلنة كل ما لديها من معلومات، ولم تنتظر الاعلام الغربي او العالمي بل هي من قادت الاعلام والمشهد برمته والجميع يلحقها.
وسجل لهذه المسعتمرة البريطانية التي استقلت عنها عام 1947 بانها اعطت الجانب الانساني والسياسي المساحة الكبرى في معالجة الازمة التي تكفلت فيها رئيسة الوزراء، فيما كانت تصريحات الامن قليلة ومحسوبة بدقة، وكانت الادوار بعيدة عن العشوائية والفوضى، وكانت تدار وكأنها معزوفة موسيقية كل يقوم بدوره دون ارباك او تداخل، مسجلة حالة من الانسجام والتلاحم والتعاطف بين الشعب والحكومة والذي سار خلف الحكومة، وارتدت النساء بما فيها رئيسة الوزراء الحجاب احتراما لاهالي الشهداء والمصابين ولم نسمع اي تشكيك او نقد، لماذا نسمع التشكيك ؟ وقد قادت ارديرين المجتمع وكانت السباقة في الوقوف الى جانب اسر الشهداء والمصابين في كل لحظاتهم سواء في مراسم التشييع اوالمستشفيات مقدمة كل الدعم الانساني والاخلاقي والمالي دون انتظار اي من دول العالم للتدخل او لابداء الراي.
وابهرت طريقة التعامل العالم باسره الذي بقي صامتا وعاجزا امام الاجراءات سواء من عبارات التعاطف والاعجاب حيث كسبت نيوزلندا الموقف بكل اقتدار واستطاعت ان تضع نفسها وشعبها في مقدمة شعوب العالم، على الرغم من حداثة استقلالها وتواضع عدد سكانها، الا ان الخبرة والصدق والشفافية في التعامل كانت هي الاساس يضاف اليها التوقيت والافعال والاجراءات المناسبة.
ان الفاجعة وحجمها كانت كفيلة بان تحول نيوزيلندا الى دولة غير امنة في نظر العالم، وان تسارع كثير من الدول الى الطلب من رعاياها المغادرة او عدم الذهاب اليها؛ الا ان ما حدث كان عكس كل التوقعات بفضل ادارة الازمة واسلوب التعامل معها الذي غطى جميع التفاصيل؛ ما حاز على اعجاب العالم باسره لتدعو الكثيرالى التعلم والاستفادة من آلية التنسيق وان تاخذ الدروس والعبر.
ان توزيع الادوار وعدم تشتيتها ومعرفة كل مسؤول دوره دون ان يتخطاه او يتجاوزه، وان يقوم بواجبه كما ينبغي دون استعراض بعيدا عن التداخل والفزعة هي من ابسط الامور في ادارة الدول.