النصر على”داعش” لن يجلب الاستقرار للمنطقة
فهد الخيطان
24-03-2019 12:50 AM
ھل یمكن للشرق الأوسط أن ینعم بالأمن والاستقرار بعد القضاء على تنظیم ”داعش“ الإرھابي؟
الإنجاز الذي احتفلت بھ إدارة الرئیس دونالد ترامب، مھم وحیوي على ھذا الصعید، لكن العقل یعجز عن فھم خطوة ترامب بنیة إدارتھ الاعتراف بالسیادة الإسرائیلیة على الجولان السوري المحتل في یوم إعلان النصر على ”داعش“!
وبالعودة قلیلا بضعة أشھر، یواجھ المرء نفس الحیرة في فھم موقف ترامب الذي وعد بصفقة كبرى لحل القضیة الفلسطینیة حلا شاملا مانعا، ثم سارع لإعلان اعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وقرر نقل سفارة واشنطن إلیھا.
قبل ظھور التنظیمات الإرھابیة في المنطقة بعقود حلت بمنطقتنا كارثة حالت بینھا وبین الأمن والسلام والاستقرار، تمثلت بقیام إسرائیل ورفض كل مبادرات الحل السلمي وفق مبدأ الدولتین.
ومنح ھذا الصراع المدید قوى متطرفة ودولا أجنبیة فرصة الاستثمار طویل الأمد في حالة عدم الاستقرار المستمرة في الشرق الأوسط.
إدارات أمیركیة سابقة أدركت بعد وقت طویل أن أمن واستقرار الشرق الأوسط یرتبط بشكل مباشر بحل عادل للقضیة الفلسطینیة.لكن ھذا الوعي بدا وكأنھ تلاشى تماما في عھد الإدارة الحالیة.
من ھو المواطن العربي الذي سیشاطر الیوم الرئیس الأمیركي فرحتھ بالنصر على“داعش“ في وقت یعلن فیھ الاعتراف بالسیادة الإسرائیلیة على الأراضي العربیة المحتلة، خلافا لقرارات الشرعیة الدولیة التي صادقت علیھا الولایات المتحدة؟!
صحیح أن تنظیمات مثل ”داعش“ و“القاعدة“ ومن ھم على شاكلتھما من الجماعات الإرھابیة المجرمة لم تكترث یوما بقضیة الشعب الفلسطیني ولا بالجولان المحتل، وتفرغت لارتكاب المجازر بحق الأبریاء في العالم والشعوب العربیة بحجة محاربة الأنظمة“الكافرة“. لكن بنیة التطرف والتشدد في عالمنا العربي تأسست على المظلمة التاریخیة التي تعرض لھا الشعب الفلسطیني على ید الاحتلال الإسرائیلي. حتى عندما انخرطت الولایات المتحدة في الحرب على الإرھاب ظل الاعتقاد السائد في الشارع العربي أنھا تحارب دفاعا عن أمن ومصالح إسرائیل ولیس عن الشعوب العربیة.
المتطرفون والإرھابیون كانوا أكثر ذكاء من الولایات المتحدة، فقد عرفوا كیف یوظفون سیاساتھا المنحازة لإسرائیل في كسب الدعم لسلوكھم المتوحش. والمفارقة ھنا أن الأوساط الشعبیة العربیة التي تعترف بدور واشنطن في القضاء على تنظیم ”داعش“،لا تجرؤ على التعبیر عن امتنانھا لھذا الدور أو تقدیر تضحیات الأمیركیین في سبیل إنجاز ھذه المھمة، لأنھا باختصار تنظر لسیاستھا حیال قضیة الفلسطینیین، فیتصاعد الغضب في صدورھا.
ربما تكون المواجھة مع التنظیمات الإرھابیة في المنطقة بطریقھا للتراجع إلى أدنى مستویاتھا،لكن دورة العنف ستستمر بسبب القضیة الفلسطینیة،لتغذي من جدید مشاعر التطرف وتبعث الحیاة بقوى إرھابیة جدیدة.
المخاطر التي تھدد وجود وأمن إسرائیل وفق التعریف الأمیركي الصھیوني تنحصر في إیران والقوى المتحالفة معھا ولیس“داعش“ التي فقدت مكانتھا. دور ھذه القوى مرشح للاستمرار والتنامي في ظل سیاسة أمیركیة منحازة بشكل مطلق لدولة الاحتلال.
النصر على“داعش“ لن یجلب السلام والأمن للشرق الأوسط، فلا تبالغوا في احتفالاتكم.
الغد