أمي .. المجد والكرامة .. الإباء والشموخ ..
أكرم جروان
23-03-2019 09:02 AM
أمي... المجد والكرامة..الإباء والشموخ..
سلامٌ عليكِ يَوْمَ وُلِدْتِّ ويومَ تُبعَثِ حيَّا..
أمي.. المجد والشموخ..الإباء ،الرِفعة والسمو، أمي..أسطورة العطاء والتضحية، عنوان الصبر ، وفي ذكراك يا حضن الحنان ، أكتب لك ، فأنتِ كنت مدرَسَة، رُغمَ أنَّكِ لم تذهبِ لمدرسة يوماً قَطْ، تعَلَّمتُ على يديك الطاهرتين ما لم أتعلَّمَه من الجامعة، غرَستِ في نفسي حب الوطن، وخِدْمة الآخرين، إكتسبت منك الذكاء والإبداع، فكان تميُّزي في دراستي وعطائي مُنذ صِغَري.
في ذكراك، أخط كلماتي بماء الذهب، عِشْتِ سنين عمرِك بكفاح وتضحية، بعطاء وشموخ، من أجل أن تُوصليني للجامعة، رُغمَ الفقر الشديد، ورغم مَرَضَ والدي، كُنْتِ تسهرين الليالي ، تُحيكين الثياب بفنٍّ وإبداع، على نور خافت، سراجٍ نلتف حَوْلَه ، تُسامرينا بقصصٍ تشد إنتباهي وإخوتي، علَّمتينا منها الشموخ والإباء، زرعتِ فينا الأمل ، فكان في ذاك العصر، أسرتنا الوحيدة التي أنجبت شباباً في عُمْرِ الورد، وتخرجوا الثلاثة من الجامعة الأردنية بعطائك وتضحيتكِ.
في الصباح الباكر ، كنتِ تُحضرين الفطور، وتجمعيننا بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس ، لتناول الإفطار!!!، وكانت وجبة الغداء تكون قد جهَزتيها لنا منذ الصباح!!، وتذهبين لحقل القمح للحصيدة !!، ثم تعودين لنا عصراً، مرهقة من التعب، وتخفين عنَّا ذلك، وترتسم الإبتسامة على وجهك وأنتِ تسألينني عن دروسي ومدرستي !!!، كنتُ أستمد منك العطاء والشموخ، حتى أمضيت دراستي وأنا الأول على صفي !!، وهكذا كان إخوتي.
في ذكراك، أستذكر عطاءكِ ، تضحيتكِ ، شموخكِ، صبرت الكثير ، وضحيتِ كثيراً، فكنتِ لي الأم الحنون، وأحمد ربي أنني كنتُ بارَّاً بك عندما هرِمت ، وكانت زوجتي بارَّةً بك، وكانت كلمتك لها إلهام العزيزة الغالية، وخَدَمَتك كإبنة لك ، فكانت سعادتي.
برحيلك عني، فقدت باباً لي من الرحمة ، فكان وجودك عندي رحمة من ربي، ودعاؤك لي نور دربي، أفتقدكِ في كل يوم من حياتي، كثير الدعاء لك، وأسأل الله أن يُسكنكِ الفردوس الأعلى أنت وأبي .