نتاج انسياق الأخوان وراء العنف
15-05-2007 03:00 AM
أرجو أن يكون التصرف الذي حصل في أحد مساجد الزرقاء –حسن البنا – فردياً وناتج عن خطأ غير ممنهج ، لأنه بداية لتطرف ديني يخشاه الناس كثيرا ويشكل تحولا غير محمود ويعطي صورة مختلفة عن أخوان الأردن، فالذي يبدوا أنهم مشحونون هذه الأيام بعد معاركهم الخيرة مع الحكومة أو صفقة الانتخابات التي ما زالت غير واضحة المعالم.سألت عن أحوال ذلك المسجد وعلمت أن إمامه استفزهم كثيرا بكلامه ، سيما أنه يتحدث في عقر دارهم وفي مسجد يحمل أسم الإمام الكبير حسن البنا، ولكننا نعرف أن الأخوان يحملون من أثار حسن الهضيبي أنهم دعاة وليسوا قضاة، فقد كان لديهم طرقا كثيرا أفضل من تجميع شباب متحمسين يعلنون الجهاد وإطلاق كلمات "الله أكبر" على رجل فرد ويبايعون شيخهم قبل ضرب الرجل الذي لم يستيقظ سوى في المستشفى .
أسئلة كثيرة تدور في خلد المتابعين لحركة الأخوان المسلمين حول ماهية حركتهم ، هل هي كما أراد لها الإمام المؤسس بحيث تسعى لأحياء الدعوة بين عوام المسلمين أم حركة سياسية حزبية مؤدلجة و قمعية عنصرية تقسم بين المسلم العادي و"الأخ المسلم " .
فتقوقع أعضاؤها وعدم اجتماعهم واختلاطهم بالناس سوى عند الخطابات أو المهرجانات، جعل بينهم وبين الناس جفاء حتى لو فسروه "بأستعانة المسلم على حوائجه بالكتمان " أو التخوف من الاختراق، فهم حركة مغلقة تتحرك ضمن جماعتها ومن النادر أن تراهم يخالطون الناس حتى خسروا جمعيتهم وجامعتهم الأهلية التي كانت تعج بموظيفهم، مما أعطى للأسف صورة بأنهم لا يتفاعلون سوى مع أعضائهم وهذا ما ينافي أفكار الإمام المؤسس .
إن النقطة المحورية التي تتعدى اصطياد عقول المتحمسين بكلمة "الإسلام هو الحل" تطرح سؤال مهم : هل الحركة التي مارست القمع ضد المخالفين من الحزب حيث تم إقصائهم أو طردهم عند أبداء أراء مخالفة لرموزهم أو مرجعياتهم ،يحق لها أن تنتقد الحكومة أو تطالب بحرية تخصها وحدها وعند استخدامها للعنف أفلا تبرر استخدام العنف ضدها .
إن الهدف من الحركة هي الدعوة ولكننا نلاحظ أنها تتجه للمشاريع والتنظير وتشكيل معارضة مصطنعة للحكومة ، والدعوة تعني عدم حصر الإسلام بأعضائها الذين يُعينهم مكتبهم الاستشاري ، ونحن لا ننكر تميز الكثير من أعضائها وتحليهم بالخلق الديني ولكننا محبة بهم نقف مضطرين عند الإشارة الحمراء لما حدث في محافظة الزرقاء لأنه بداية خطرة لهم قبل أن تكون منهم .
لقد ارتكبت الجماعة أخطاء مدمرة في حق نفسها فدفعت ثمناً غالياً ؛ عندما اتجهوا للعنف –وليس للدعوة – في ردهم على النظام الناصري الدكتاتوري والذي استغلها ووجدها فرصة للانقضاض على خيرة الشباب المصري وتم إعدام نخبة من علمائهم على رأسهم عبد القادر عودة ومحمد فرغلي و العالم الكبير سيد قطب ،وتم ملاحقتهم بشتى الأشكال الفاشية حتى جاء السادات .
نفس الخطأ تكرر في مدينة حماة السورية عندما تسرعوا في مواجهة السلطة البعثية وكانوا لا يملكون القدرة على مواجهة جيش منظم فدمرت أحياء كاملة من المدينة وهجر وقتل وعذب الآلاف منهم .
وكل هذا لم يكن كافيا فعبر استعراض لبعض الشباب المتحمس في إحدى الجامعات لمصرية – الأزهر – تم عرض مجموعة من الشباب الملثم وهم يقومون بحركات دفاع عن النفس-استعراض تدريب عسكري- ، مما جعلهم لقمة سائغة في أفواه الحزب الحاكم المصري الذي قام على إثرها باعتقال مجموعة كبيرة من طلابهم ورموز الحركة وتجميد أموالهم .
من المفضل أن تراجع الحركة والجبهة أوراقها ولا تتجه أكثر الى الخطاب العاطفي الجماهيري وألا تنساق وراء بعض المحرضين لأن هذا أدى في الماضي لمواجهتها بالعنف الذي تبدأه هي ومن ثم ينقلب عليها .
قبل أن تطالب الحركة بالديمقراطية يحب أن تبدأه هي وأن نلاحظ الإسلام الحقيقي يطبق في تصرفات رموزها وأعضائها وان تبتعد عن التلاعب بالعواطف بالتعنت وألا تنساق وراء الخطاب الثوري الذي تتبناه فبين الواقع والتنظير مسافة شاسعة، و ثقافة الرفض من اجل الرفض لا تنفع في جميع الأحيان .
تهمنا جماعة الأخوان المسلمين ، ويهمنا أعضائها ويهمنا أن لا تتحول مساجدنا وساحتنا السياسية إلى معارك تصفية جسدية .
الإسلام دين حوار وتعقل وإيمان بالأخر وليس قمع واضطهاد وقتل وتدمير كما تفعل الحركات المتطرفة و أخوان الأردن ليسوا كذلك قطعا .
لعلنا في فترة قريبة نعود لموضع المغازلة الحكومية لهم وبعض النقاط المهمة التي طرحها الشاعر عاطف الفراية حولهم ووجدت أنها تحتاج لوقفة خاصة .
Omar_shaheen78@yahoo.com