لنساعد نتنياهو بعد أن ساعدنا أوباما
ياسر ابوهلاله
05-09-2009 07:32 AM
لا أشك للحظة بتاريخية انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، ولا أقلل من عظم الزلزال الذي اهتزت fه أميركا واهتز العالم تبعا لها. لكن أشك كثيرا بتأثير ذلك على صراعنا المديد مع الصهاينة. فنحن معهم ما نزال كما حقبة العبودية في أميركا، ولم نصل إلى مرحلة يعامل العالم فيها الفلسطيني والعربي كما يعامل اليهودي، وكأن الفلسطيني خلق عبدا واليهودي سيدا.
أبدى الشارع العربي حماسة لانتخاب أوباما وصوت له بمشاعره، تماما كما صوت العرب والمسلمون حقيقة له في أميركا. وبعد فوزه كاد يتحول إلى أسطورة. في الأثناء انتابت الحماسة الحاكمين أيضا، وغدا عنوان السياسة الرسمية العربية "مساعدة أوباما". طبعا يساعَد بالتغاضي عن كل جرائم إسرائيل والصفح عن كل الأخطاء الأميركية المتواصلة من أيام الإدارة السابقة.
انتخبناه ليساعدنا فساعدناه، قد تكون تلك سلفة يسددها ساعة عسر، وما أكثر ساعات عسرنا. ذلك مفهوم ولو كان غير مقبول، أما العَصي على الاثنين فهو مساعدة نتنياهو. فتلك جريمة ستجد لها فصلا في كتب التاريخ. وصل نتنياهو إلى السلطة محملا بتاريخ إجرامي لم يكن آخره محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان. كان أبناء غزة بتضحياتهم الغالية قد أعادوا قضية فلسطين إلى صدارة المشهد العالمي، وساعدوا أوباما بجعلها أولوية مبكرة له فور وصوله البيت الأبيض.
كانت السياسة الإسرائيلية تحاول إصلاح أضرار الحرب التي عزلت إسرائيل عربيا، وهزت صورتها عالميا. مشهد المطر الفسفوري الذي صهر أطفال مدرسة الأنروا طبع مخيلة البشرية؛ ضحية فلسطينية وجلاد إسرائيلي. فوجئ نتنياهو الذي ساءت علاقته مبكرا بأوباما أن صدود أميركا يعوضه الإقبال العربي.
بدلا من سياسة عزل نتياهو والضغط عليه، غدت السياسة مساعدة نتياهو! حقيقة العرب يساعدونه، ليس بإرسال المساعدات الإنسانية كما يفعلون في غزة وإنما بالمواقف السياسية. فقد فكت العزلة عنه، وغدا برنامجه في السلام الاقتصادي واقعا باسم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية. لا يطلب من العرب أن يعلنوا الحرب على إسرائيل، المطلوب أن يتصرفوا باعتبارهم مهزومين ولديهم كرامة. أي تجميد استيطان يتحدث عنه نتنياهو "باستثناء القدس"؟ لم يقدم شيئا باستثناء أكروبات لغوية، والعرب وعلى لسان الثوري عمرو موسى أعلنوا أن التطبيع مقابل وقف الاستيطان! ومع أن القضية كلام في كلام على الأقل أمام الرأي العام العالمي يقول التطبيع مقابل إزالة الاستيطان، وحتى الأميركيون يعتبرون الاستيطان غير شرعي. لكنها مساعدة نتياهو!
لم نر شيئا بعد من المساعدة. لك أن تتخيل ماذا سيفعلون عندما يتصافح نتياهو وعباس عند أوباما في البيت الأبيض. في أثناء المصافحة يكون جسد القدس يمزق بالاستيطان، والجدار يدمر حيوات الناس والمحاسيم والحواجز تحول حياتهم إلى جحيم (بعد أنابولس ارتفع عدد الحواجز إلى 562إضافة إلى 600حاجز طيار). سيحتفل مطولا بإزالة عدد من الحواجز امام الإعلام وإخلاء كم مستوطنة عشوائية ليقام جدار بدل الحاجز ومستوطنة حقيقية في القدس بدل العشوائية بالضفة. أما غزة فلن يجرؤ أحد على ذكر اسمها لما تسببه من ألم في نفسية الجلاد.
abuhilala@yahoo.com