متى يلحق العرب بركب اكتشاف الذات!!!
د. سحر المجالي
05-09-2009 07:02 AM
لم يستطع النظام العربي إلى الآن أن يستقر حتى يتمكن بالتالي من التحرك نحو الخطوة القادمة. ولم يستطع المجتمع العربي السياسي أو الاقتصادي أو حتى الفكري أن يصل إلى حد التوحد أو الالتقاء على الحد الأدنى. ولم تتمكن الأنظمة السياسية العربية من الوصول الى نص موحد حول إعادة ترميم العمل العربي المشترك المتمثل في مؤسسته الرسمية الوحيدة ''جامعة الدول العربية''.
في السنوات الماضية كنا نسمع عن تعدد مشاريع الإصلاح العربية وبدلا من أن يكون التنافس بينها حول من الأصح ومن الأجدى أخذت حمى التنافس من أجل التنافس هي التي تسيطر على الفكر وعلى الممارسة وعلى القرار فأصبحت مشاريع الإصلاح هذه نهبا للتناغم من المواقف والآراء المسبقة الصنع، وغدت المعركة حول ذاتها كمشاريع شكلية دون الالتفات إلى المضمون ومن هي الأهم و صاحبة الأولوية، إلى أن وئدت كلها في المهد دون ان ترى النور. و حالة إصلاح الواقع العربي هذه ليست بأفضل من واقع الأمن القومي العربي بشكل عام.
ففي بغداد لا تزال الدماء العراقية تسيل ليل نهار، وما زالت المحاصصة الطائفية هي سيدة الموقف، وما زال رأي السيد- الولي الفقية هو المحدد لتوجهات مستقبل هذا البلد العظيم. الأمر الذي يفرض استحقاقات بدأت بغداد تعاني منها وعلى رأس هذه الاستحقاقات سيناريو خروج القوات المحتلة من العراق. إذن في بغداد محنة يجب الخروج منها بأسرع ما يمكن ويجب ان يكون للعرب دور في مساعدة العراق للخروج من أزمته برمتها لا الاكتفاء بأخذ دور المتفرج والناصح الأمين ، وعلى العراق نفسه ان ينتهي من خطابه السياسي الذي، وبكل أسف، تفوح منه رائحة الطائفية، وعليه أن يعيد حسابات علاقاته العربية ويعود الى رحابة صدر أمته العربية الماجدة. صحيح بأن أمته العربية خذلته وقدمته قربانا لألد أعدائها،الغرب الإستعماري و الصهاينة والصفويين، ولكن واقع الحال لا يسمح بنكأ جراح الأمس، سواء القريب منها او البعيد..لا فرق.
وفي بيروت أزمة انتخابات وأزمة معارضة وموالاة وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتي مضى على تكليف الشيخ سعد الحريري بتشكيلها أكثر من شهرين. وهناك أمور تطرح بجدية لتدويل هذه الأزمة وبالتالي الدخول في متاهات احتلالية مباشرة وغير مباشرة ولكنها بالضرورة ستكون متاهات ترشح الدولة اللبنانية للعودة إلى المربع الأول الذي لم يتم الخروج منه الا في الطائف.ومن هنا فلابد أن يخرج اللبنانيون خاصة بعد الهزة العنيفة التي تمثلت باستشهاد الرئيس الحريري، وما تلاها من استقطابات، والتي مثلت ليس مقتل شخص معين ولكنها جاءت لتنعى مقتل مبدأ يقول بوجوب تعمير لبنان والخروج به من الأزمة. كما ان عملية الاغتيال كانت موجهة الى ذلك النهج الذي بدأ يظهر بكل وضوح ويدعو بكل جرأة إلى ان لبنان يجب ان يعود الى ما كان عليه.
وفي اليمن... السودان...والصومال....وموريتانيا.... وفي كثير من الدول العربية هناك أزمات يجب ان نخرج منها ويجب ان يجتمع كل العرب ليشخصوا المرض ويصفو الدواء. يجب ان نحل قضية الصحراء الكبرى ويجب ان نحل قضية دارفور ويجب أن تحل الأزمة السودانية المرشحة لتكون مدار الظرف العربي القادم ، وقبل هذا وذاك يجب ان تحل قضية الحرب الباردة بين غزة و رام الله.
على العرب والمسلمين أن يعوا بأن التهديدات والممارسات الإسرائيلية اليومية التي توجه للأرض والإنسان العربيين في فلسطين هي تهديدات حقيقية وذلك لكونها تمثل مفصلا رئيسيا في المشروع الصهيوني الداعي الى تحويل المنطقة الى منطقة متفجرة لا تهدأ ولا تستقر إلا حسب المواصفات الإسرائيلية.
إن أي تهاون في أية منطقة من العالم العربي تعني وبالتأكيد تدهورا لكل النظام العربي سواء على المستوى القطري أو الثنائي أو الجماعي. وأن أي خلل يصيب أية دولة عربية سينتقل حسب منطوق نظرية ''الدومينو'' إلى التي تلي ثم إلى التي تليها وهكذا حتى يتحطم الوطن كله.
ويجب من وجهة نظر أخرى، على أصحاب الأزمة أن يتقبلوا النقد العربي والمساهمة العربية لا التزام الموقف السلبي المتمثل بعدم التدخل وعدم الانصياع للنصيحة. فالحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها.
Almajali47@yahoo.com