يطل علينا يوم الكرامة كل عام، لا ليصبح ذكرى، بل ماضي وحاضر ومستقبل، مخطئ من يظن أن معركة الكرامة يوم مر وانتهى، بل هي مسيرة من النضالات والمواجهات والتحديات، قد لا تكون أدواته بندقية ورصاصة.
في لقاء الملك عبدالله الثاني بأهالي الزرقاء، نطق بكلمات جعلت من عقلي مخزن رصاص، ومن قلمي بندقية، أكتب فيه ما يستحق ونستحق، وبعيداً عن كل الاحتقانات والتشتت والتشظي المفتعل، للزج بنا في أتون من لم يؤمن به الأردن قيادة وشعباً.
فعلى الرغم من كل الضغوطات الخارجية والداخلية، الغربية والعربية وفئة أردنية، ما زال ابن هاشم يقف بكل رجولة وصلابة، مستمداً العزيمة من شعبه العظيم والذي يقول لقائده..
ولقد أبيت على الطوى وأظله
حتى أنال به كريم المطعم
أعود لأقول أن الكرامة ليست معركة نحدث بها الأبناء والأحفاد، كتاريخ سطره رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، بل طريق اختطيناه قيادة وشعب لنقول لكل المرجفين... فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
يعيش الأردن بكل مكوناته، أصعب مرحلة من مراحل تشكله، والتي تمثل مرحلة مفصلية، لنرسم مستقبل نستطيع صناعته بإرادتنا وبسواعدنا، معتمدين على الله وعلى أنفسنا، وهذا يحتاج منا إلى الإيمان المطلق برسالتنا الخالدة، والتي بدأت كثورة ضد الظلم والقهر وإهدار الكرامة الإنسانية، فكان الأردن وجهة المهجرين ممن أخرجوا من ديارهم، ليجدوا فيه الأمن الذي افتقدوه، والكرامة وطيب العيش.
ومن الجدير ذكره في هذا المقام، أن علينا كشعب أردني عانى وما زال يعاني، أصبح لزاماً عليه، التوحد خلف قيادته الهاشمية، لشد أزره ومساندته في مسعاه المتمثل في إفشال المشروع الصهيوني الأمريكي، والذي يسعون لجعله أمراً واقعاً، لتوقيعه وتنفيذه، والذي ستلحق تبعاته الأذى الكبير بالأردن وشعبه، والذي عانى الكثير وعلى مدار ما يزيد عن سبعين عاماً، من تبعات قضية الأمة العربية الأولى، وهذا هو المفترض، لتصبح لدى البعض منهم خارج حساب الأولويات.
وإنني من خلال هذا المقال، وكوني ناشطاً سياسياً ومشاركاً في الوقفات الاحتجاجية التي تتسم بالموضوعية، والخطاب السياسي الرزين، أطالب كل القوى الوطنية، من أحزاب ونقابات وصالونات سياسية وحراكات، التوحد خلف خطاب وطني جامع وتوافقي، نلتزم فيه جميعاً بثوابتنا الوطنية، ونقدم موقف الدولة من محتوى (صفقة القرن)، والذي يشكل أهم الثوابت الوطنية والقومية، وهذا الموقف يشكل ضمير كل وطني حر، يسعى إلى تحقيق سيادة قراره الوطني، لننطلق بعدها إلى إعادة صياغة مشروعنا الوطني التوافقي الجامع، والذي لا نتوقع له النجاح، إذا ما خسرنا معركة الكرامة القائمة والمفصلية.