خطة التشغيل .. اليوم وليس غدا
فهد الخيطان
21-03-2019 12:56 AM
لغایة الآن لم تقدم الحكومة خطة متكاملة للتشغیل تسھم بشكل جدي بالتخفیف من البطالة. ھناك عناوین عامة وخطوات أولیة مبشرة لكنھا غیر كافیة للتعامل مع أخطر تحد یواجھ الأردن في ھذه المرحلة.
من بین القضایا التي تحتاج لجھد كبیر للتعامل معھا، ملف العمالة الوافدة في الأردن. ثمة تقدیرات لمختصین تفید بأن ما یزید على 400 وظیفة یشغلھا عمال غیر أردنیین، یمكن أردنتھا ضمن مرحلة زمنیة لا تزید عن 3 سنوات.
سواء كان ھذا الرقم دقیقا أم لا، علینا أولا أن ننجز المھمة التي تقاعست حكومات متعاقبة عن مواجھتھا، فتفاقمت المشكلة لدرجة كبیرة، وھي إعداد خریطة تفصیلیة لتوزیع العمالة الوافدة على القطاعات والمحافظات، وحصر المھن والوظائف التي یمكن للأردنیین العمل فیھا وعرضھا عبر مكاتب التشغیل في المحافظات، وتدشین حملة إعلامیة لتشجیع الشباب على التقدم لھا، وتدریب من تنقصھ المھارات للمنافسة علیھا.
مؤسسات تمویل المشاریع الصغیرة وصنادیق التنمیة والتشغیل تعمل كجزر معزولة، ولابد من ربطھا بخطط مشتركة وبرامج تكاملیة لخدمة خطط الحكومة في مجال التشغیل. وثمة حاجة أیضا للتجسیر مع مؤسسات القطاع الخاص والصنادیق الأجنبیة التي تقدم الدعم المالي لأصحاب المبادرات الخاصة بالمشاریع الفردیة، لتنسیق عملیة الدعم المالي والتدریب.ھناك شبكة واسعة من المؤسسات توظف عشرات ملایین الدنانیر وتحقق نتائج إیجابیة، ینبغي دمجھا بمشروع الحكومة للتشغیل.
العام الماضي تم تأسیس الصندوق الأردني للریادة الذي یوفر الدعم المالي المباشر وغیر المباشر للشركات الناشئة والصغیرة والمتوسطة برأسمال قدره 98 ملیون دولار وبشراكة بین البنك الدولي والبنك المركزي الأردني. یمكن لھذا الصندوق أن یلعب دورا محوریا في تحفیز الشركات الصغیرة والمتوسطة، بمختلف القطاعات وخلق عدد كبیر من فرص العمل، لكن اللافت أننا لم نسمع عن دور أو حضور للصندوق منذ إطلاقھ.
لقد منح التطور التكنولوجي في مجالات عدة كالزراعة مثلا فرصة غیر مسبوقة للمجتمعات لرفع قدراتھا وتحسین مستوى انتاجھا وابتداع حلول خلاقة لتجاوز مشكلة نقص المیاه، وتعظیم استغلال الموارد المحدودة لتحقیق مستویات عالیة من النجاح. یتعین على الحكومة أن تفكر جدیا باستغلال العروض المتاحة وبرامج التعاون مع الدول المتقدمة في ھذه المجالات، لتوفیر حلول مبتكرة، تساھم في توسیع سوق العمل وزیادة قدراتنا الإنتاجیة.
وما نحتاجھ إلى جانب الخطة العملیة والمفصلة، خطاب یعید للأردنیین الثقة بالنفس، وبقدرتھم على تجاوز الصعاب كما فعلوا من قبل، والتغلب على شح الموارد وثقافة العجز والسلبیة التي سیطرت على المزاج العام في السنوات الأخیرة، ودفع الأغلبیة من الشباب للانخراط في عملیة كبرى لإعادة إنتاج المفاھیم القدیمة وتحدیثھا بما یستجیب لتحدیات المستقبل.
التجارب العملیة في عدید المحافظات، تظھر أن العزیمة متوفرة للتغییر وماعلینا سوى إمداد ھذه الشعلة بالطاقة اللازمة.
البدایة من الحكومة ومؤسساتھا، فھي وحدھا القادرة على إدارة ھذه المھمة التي تتطلب تفرغا شبھ كامل لإطلاقھا في الفترة القصیرة المقبلة.
الغد