دولة يهودية وكيانات فصائل
سميح المعايطة
04-09-2009 05:11 PM
منذ ان جاءت حكومة نتنياهو وهي تربط بين أي تقدم في التفاوض او عودة مسار عملية السلام وبين اعتراف فلسطيني بيهودية كيان الاحتلال , وسواء نجحت حكومة الاحتلال في تحقيق هذا او فشلت الا ان وجود الرؤية هو ميزة وضرورة لاي قيادة .
فالهدف الصهيوني واضح وهو تعزيز هوية كيان الاحتلال والتخلص من كل انواع " الخطر " عليه واهمها العرب ونموهم السكاني , وكل يوم تقوم حكومة الاحتلال باعمال تعزز قوة الكيان واهمها الاستيطان الذي يقتل جزءا من فكرة الدولة الفلسطينية من جهة , ويزيد رقعة الارض المهودة ومساحة المكان الذي يشغله المستوطنون الصهاينة .
وفي مقابل هذه الصورة هنالك خسارة كبرى لحقت بفكرة الدولة الدولة الفلسطينية ليس فقط من خلال التضليل الذي مارسته ادارة بوش الراحلة , وليس فقط من خلال التصور الصهيوني الذي يفرغ مفهوم الدولة من اساسياتها بل ايضا من خلال جهد فلسطيني كبير وفاعل ساهم بغض النظر عن النوايا في الحاق ضرركبير بفكرة الدولة الفلسطينية .
فالسلطة التي جاءت بها بنود اتفاق اوسلو مازالت محدودة وتحت ولاية الاحتلال , وهي سلطة رضيت بها فتح ومنظمة التحرير ثم رضيت بها حماس لاحقا بعد مشاركتها بانتخابات المجلس التشريعي وقيادة الحكومة , وكان مطلوبا من النهجين ان يعملا على تطوير واقع السلطة بكل الادوات من وهم السلطة الى ان تصبح نواة دولة وبناء المؤسسات وزيادة مساحة السيادة الوطنية عبر اجبار الاحتلال كل حسب نهجه على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة , لكن ما جرى انه بدلا من الانتقال من سلطة شكلية الى خطوات اكبر بتجاه الدولة فان الانقسام الذي جرى وتعمق واصبح هو الواقع حول السلطة الشكلية الى نصفين ليسا دولة للفلسطينين بل كيان لكل فصيل , فغزة تحولت الى كيان تحكمه حماس وعليها ان تواجه مشكلات الانقسام والحصار والجوع والفقر والكثافة السكانية , وحتى تحافظ على هذا فان الجسم الاساسي للسلطة هو اجهزة الامن لان حماس تعلم ان عليها ان تكون مستعدة لاي تحرك فتحاوي لان الخطر الاساسي هو خطر الشقيق العدو , وكذلك الحال في الضفة فهي كيان تقوده فتح وله اولوياته ومشكلاته وهويته , أي نحن امام كيانين كل منهما يمثل فصيلا , ووجود الكيانين هو العائق الرئيسي امام اقامة دولة فلسطينية حقيقية اضافة الى الموقف الصهيوني وشكل الدولة الذي تروج له اسرائيل .
ما نجح فيه الاحتلال ليس فقط في تعزيز حالة الانقسام الجغرافي بل في اعدة ترتيب الاولويات لكلا الكيانيين فالاولوية امام كل كيان فصائلي مواجهة كيان الفصيل الاخر , وهذا امر نلاحظه جميعا فالسلطتين ومنذ عدة سنوات في حالة حوار وتفاوض لم يؤديا الا الى تعزيز الانشقاق والانقسام , حتى اننا جميعا قرانا عن توجه لدى قيادة الضفة لاجراء انتخابات في الضفة وهذا يتناقض مع كل مايقال عن سعي لاقامة الدولة ويخدم الطروحات الصهيونية بغض النظر عن النوايا .
ما بين السعي الصهيوني لتحقيق ما يسمى نقاء كيانه من أي قومية او دين اخر وسعينا في الجانب الفلسطيني لتجذير كيانين فصائليين على حساب حتى حلم الفلسطيني في اقامة دولة موحدة وقابلة للحياة , ما بين هذا وذاك يظهر مسار كل طرف من الظالم والمظلوم , ونفسر لانفسنا لماذا تخسر كل يوم ليس مساحة من الارض بل احلاما كانت مشروعة لكننا نساهم بايدينا حتى في اخراجها من حيز الاحلام .
الغد.