فورين بوليسي: كيف أصبحت حرب سوريا الأهلية 3 حروب أهلية؟
20-03-2019 08:22 PM
عمون - نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحث جوناثان سباير، يقول فيه إن الحرب التي دمرت سوريا على مدى نصف عقد وصلت إلى نهايتها.
ويشير سباير في مقاله، إلى أن الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي، في 29 حزيران/ يونيو 2014، في مسجد النوري في الموصل، لم تعد تتألف إلا من بعض الأمتار المربعة الممزقة في قرية باغوز في وادي الفرات الأدنى، وهي على وشك السقوط في أيدي القوات الكردية.
ويقول الباحث: "أما الثورة ضد بشار الأسد، والمكونة بشكل رئيسي من العرب السنة، فقد انتهت، وما بقي منها أصبح العنصر العسكري في المشروع التركي لتحويل شمال غرب سوريا إلى كيان تابع لتركيا".
ويلفت سباير إلى أنه "في مكان الحروب القديمة، بدأت ثلاث حروب جديدة، تجري أحداثها في ثلاث مناطق مستقلة، بدأت حدودها تصبح أوضح مع اختفاء دخان المعركة السابقة: منطقة النظام، التي تضمنها روسيا، ومنطقة شرق الفرات، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، والتي تتألف بشكل رئيسي من المقاتلين الأكراد، وتحمي أمريكا والقوات الجوية الغربية تلك القوات، وأخيرا، المنطقة التي يسيطر عليها الأتراك وحلفاؤهم المسلمون السنة في محافظة إدلب".
ويفيد الكاتب بأن "منطقة النظام تغطي حوالي 60% من مساحة سوريا، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على 30% من مساحة سوريا، أما المنطقة التي تسيطر عليها تركيا والسنة فتشكل 10% من المساحة، وكل واحدة من هذه المناطق تشهد حربا أهلية خاصة بها مدعومة بجيوب مجاورة".
ويجد سباير أن "أكثر تلك الكيانات هشاشة من هذه الثلاثة، من ناحية الترتيبات الداخلية والعلاقات مع القوى الخارجية، هي منطقة السيطرة التركية، فجنوب المنطقة تسيطر عليه هيئة تحرير الشام، وهي إحدى أذرع تنظيم القاعدة في سوريا، والمنطقة محمية من الغزو البري باتفاقية سوتشي المتزعزعة، التي تم التوصل إليها بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، في أيلول/ سبتمبر 2018، لكن في الوقت الذي لا يتوقع فيه أن تقوم قوات النظام باجتياح بري لمحافظتي إدلب وحماة، إلا أنهما تتعرضان للقصف المدفعي اليومي".
وينوه الباحث إلى أنه "في الشمال كانتون عفرين الكردي، يواجه الأتراك وحلفاؤهم تمردا من وحدات حماية الشعب الكردية، واستشهد تقرير لموقع (بلنغكات) بمقال لأمبرين زمان في موقع (المونيتور) أشار إلى 220 هجوما تم تنفيذها في منطقة عفرين ضد القوات التركية والمتحالفة معها، في الفترة ما بين آذار/ مارس 2018 ونهاية كانون الثاني/ يناير، على شكل كمائن بجانب الطرقات ومتفجرات مصنعة يدويا وإعدامات لمن يسمون بالمتعاونين، حيث قتل حوالي 100 شخص خلال الشهر الماضي، بحسب تقرير (بلنغكات)".
ويذكر سباير أن "الهجمات بدأت في شهر كانون الثاني/ يناير 2018 مباشرة بعد وصول القوات التركية إلى المنطقة كجزء من عملية غصن الزيتون، التي دمرت الكانتون الكردي الغربي، التي تبعها طرد للأكراد، ولا تعلن وحدات حماية الشعب الكردية المسؤولية عن الهجمات الحالية، وقد اعتاد حزب العمال الكردستاني، شقيق وحدات حماية الشعب، أن يستخدم أسماء واجهات للإعلان عن العمليات، خاصة البشعة منها، وربما تكون وحدات حماية الشعب تستخدم الأسلوب ذاته".
ويقول الكاتب إن "المنطقة التي تسيطر عليها القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات تشهد تحركات لتمرد داخلي يتم توجيهه من الخارج، فقتل 236 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية بالإضافة إلى مدنيين وعمال نفط ومسؤولين منذ آب/ أغسطس 2018، في حوادث لا علاقة لها بالقتال على الجبهة مع تنظيم الدولة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وغطت حوادث القتل في مناطق الرقة وحلب والحسكة ودير الزور، التي تسيطر عليها بشكل كامل القوات الأمريكية وحلفاؤها الأكراد، وآخر تلك الأحداث، بحسب المرصد، كانت عملية اغتيال في وقت سابق من هذا الشهر لمقاتل من قوات سوريا الديمقراطية في منطقة جزيرة سويدان في شرق ريف دير الزور وانفجار عبوة ناسفة في منطقة جمة".
ويشير سباير إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية تلوم تركيا لهذه الأفعال، وقتل عمر علوش، وهو مسؤول كردي محلي بارز، في شهر آذار/ مارس 2018، والشيخ بشير فيصل الهويدي، وهو قائد في قوات سوريا الديمقراطية متحالف مع قبيلة شمر في الرقة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، بالإضافة إلى أن هناك أطرافا أخرى يمكن أن يشك في وقوفها خلف تلك الاغتيالات، مثل نظام الأسد أو إيران أو تنظيم الدولة، وكلها تعادي الأكراد الموالين لأمريكا".
ويعتقد الباحث أن "المنطقة التي يسيطر عليها النظام هي الأكثر أمنا من المناطق الثلاث، وقد بدأ بشار الأسد على طريق بطيء لاستعادة الشرعية في نظر معظم السوريين، ولا يواجه تهديدا كبيرا لاستمرار حكمة على معظم مناطق سوريا، لكن حتى في المناطق التي يسيطر عليها النظام هناك أصوات مستاءة، فهناك مجموعة غير منظمة من القوى التي تتمتع ببعض النفوذ في هذه المناطق، وهي تتضمن المليشيات المحلية والخارجية الموالية لإيران والشرطة العسكرية الروسية وحزب الله اللبناني، بالإضافة إلى أجهزة الأمن المتنافسة التابعة للنظام، وتعاونت هذه كلها لإبقاء الأسد في السلطة، لكن مصالحها ليست واحدة".
ويبين سباير أن "هذا كله أدى، كما هو متوقع، إلى توتر حول قوتها النسبية ولردود فعل عنيفة، وفي درعا في الجنوب الغربي أدى إلى تمرد على نطاق ضيق ضد نظام الأسد، ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 قامت مجموعة أطلقت على نفسها المقاومة الشعبية، التي يبدو أنها تتألف من مقاتلي الثوار غير الجهاديين، بسلسلة من التفجيرات ضد منشآت النظام وهجمات على الحواجز، وآخرها كان تفجير حاجز عسكري في 6 شباط/ فبراير، بحسب فيديو تم نشره على الإنترنت".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "في الوقت الذي يختفي فيه تنظيم الدولة من الخارطة السورية فإن البلد يستسلم إلى واقع التقسيم، حيث تشتعل عدة نيران صغيرة في كل من تلك الأجزاء، فقد تكون انتهت الحرب المفتوحة في سوريا، لكن السلام يبقى أملا بعيدا".
ترجمة "عربي21"