صراخ تحت القبة .. ووطن مستباح
د. منذر الحوارات
19-03-2019 07:06 PM
بالأمس أصابت الدهشة كل منا ونحن نتفرج على ما يشبه الملهات، تناولت فلسطين والقدس والولاية الهاشمية، وصفقة القرن، وموقف الولايات المتحدة، ودرس متقن بماهية الوطنية خطابات تكررت منذ عقود سمعناها آلاف المرات ولم تحرك حجرا عن حجر في فلسطين، وشاب يلوح بيديه فخلته متقمصا شخصية صلاح الدين بسيفه وقلنسوته لم يغب عن بالي الخليفة عمر يجر حماره فاتحا اليا (القدس).
رويدا يا سادة قلت في نفسي، وربما قالها الكثيرون فقد شبع حد الامتلاء والتخمة كل من يستمع إليكم في هذا الخطاب الممجوج ومن له ومن لكم ومن لكل من قال حد القنوت.
وفي زحمة ذلك السيل من الخطابات ينبري شاب للحديث عكس ما قيل بخطاب شعبوي بارد وهادىء قادر على الاستفزاز وهو ليس سوى محاولة للبروز في خضم هذا الموج العاتي من تلك الخطابات.
وليس هذا هو المهم إنما الأهم منه ردة الفعل التي فاجأ بها الحضور من النواب كل مشاهد لذلك الخطاب. فجأة وجدتني أمام امتحان للمواطنة حضر فيه كل شيء، التخوين والإخراج من الملة الوطنية وكل ما يمكن أن يمس وحدة أي بلد، غاب شيء وحيد هو أن للجميع الحق في قول مايريدون تحت سقف الدستور وقوانين المجلس وهذا ما غاب حضر بدل منه هياج عام وصخب ولغط وكلام جارح تجاوز كل الحدود إلا حد احترام النائب وما يمثل حريته في التعبير وحريته في أن يكون أردنيا كامل الأردنية يمنحه سقف المجلس والدستور الحق في أن يبقى دونهما ويقول عدا ذلك ما يريد.
ويقفز السؤال الخبيث في مخيلتي ماذا لو كان أحدا من منتقدي ذلك النائب قد قال نفس الكلام هل سيرد عليه بنفس الكلام؟ هنا فقط شعرت أنه ثمة شرخ كبير لم تستطع المحاولات الخطابية كلها أن تجسره وهو (الأردني من هو؟ ماهيته؟ هل هو عرق؟ أم هوية ذكية جامعة قادرة على استيعاب واحتواء جغرافيات عديدة بل وقوميات عديدة وتجعلها مشتركة ومعبرة عن ذات واحدة هو الأردني) والواضح أننا بعيدين عن كل ذلك فالمجلس الذي يفترض فيه أن يمثل كل تلك التناغمات استطاع بعبث منتسبيه أن يجعل ذلك الحلم في مهب الرياح.
نصيحتي لكم ارحموا الأردن من خطاباتكم الركيكة لغة والخاوية معنا والمفرقة بدل أن تكون جامعة.