تجدّد الاحتجاجات في الجزائر وسط تعزيزات أمنية: "ارحلوا يعني ارحلوا"
19-03-2019 06:33 PM
عمون - تجددت المسيرات الشعبية في العاصمة الجزائرية اليوم الثلاثاء، بشكل حاشد، وذلك رداً على رسالة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أمس الإثنين، والتي قرر فيها التمسك بخطته للانتقال الديمقراطي.
وتظاهر الآلاف من طلبة الجامعات عند ساحة أودان والبريد المركزي، رافعين شعارات تطالب بتنحي بوتفليقة، ورحيل النظام السياسي ورموزه السياسية ومحاكمة الفساد.
وسار الطلبة من ساحة أودان حتى البريد المركزي والنفق الجامعي، مرددين هتافات "سرقتم البلاد يا السارقين" و"بوتفليقة ارحل" و"ارحلوا يعني ارحلوا'" .
وشارك في المسيرات الأطباء وطلبة الطب، الذين تجمعوا في ساحة البريد المركزي رافعين شعارات تطالب بالرحيل الفوري للنظام السياسي، ورفض خطة بوتفليقة، ورفعوا شعارات "لا ندوة لا تعديل".
ونظم الأطباء البيطريون مسيرة حاشدة وسط العاصمة لدعم الحراك الشعبي، وسط تعزيزات أمنية مشددة بمختلف مداخل العاصمة الجزائرية، تحسباً للتظاهرات والمسيرات اليوم.
وتمّ نشر تعزيزات أمنية من شاحنات رجال حفظ الأمن، على مستوى شارع الشهيد ديدوش مراد والشهيدة حسيبة بن بوعلي، وساحة موريس أودان، وعلى مستوى ساحة أول مايو بالقرب من مستشفى مصطفى باشا الجامعي في قلب العاصمة الجزائرية، كما نشرت تعزيزات أمنية مشددة على مستوى مقر الرئاسة بمنطقة المرادية بأعالي العاصمة الجزائرية، وعلى مستوى المجلس الدستوري وكلية الطب بمنطقة بن عكنون.
وتأتي المسيرات اليوم في سياق الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي.
وتدخل الاحتجاجات أسبوعها الخامس، بداية برفض ترشح الرئيس الجزائري لولاية رئاسية خامسة، وهي دفعت بوتفليقة الى التخلي عن الترشح وتأجيل الانتخابات، مع إطلاقه وعوداً بإجراءات من بينها ندوة وفاق وطني وتعديل الدستور، لم ترض قطاعا واسعا من الجزائريين وخصوصا المعارضة والنقابات.
تجمع معارض يطرح أرضية نقاش
وطرحت تسع شخصيات تمثل تيارات سياسية تقدمية وإسلامية وحقوقيين، أرضية سياسية النقاش وقابلة للإثراء، تتضمن آلية انتقال مرحلي تبدأ بتنحي بوتفليقة والانسحاب من الرئاسة بنهاية عهده في 28 إبريل المقبل، ودعت إلى توافق وطني لتشكيل هيئة رئاسية تدير البلاد خلال مرحلة انتقالية.
وطالبت الأرضية السياسية التي أصدرتها هذه الشخصيات، بانسحاب رئيس الدولة مع نهاية عهده في 27 إبريل المقبل، وإقالة الحكومة وحلّ غرفتي البرلمان المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة، والدخول في مرحلة انتقالية تمكّن الشعب من تحقيق مشروعه الوطني، وتشكيل هيئة "رئاسة جماعية" مكوّنة من شخصيات وطنية نزيهة، تتعهّد بعدم البقاء في السلطة في نهاية الفترة الانتقالية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى تعينها هيئة الرئاسة الجماعية تُكلّف بتصريف أعمال الدولة.
وأبدت تسع شخصيات سياسية معارضة قبولها المبدئي للأرضية، على أساس توسيع النقاش بشأنها، لأجل إثرائها من قبل مجموعة قوى المعارضة والشخصيات المستقلة.
وضمت القائمة الأولية رئيس "حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس، والحقوقيين مصطفى بوشاشي وعبد الغني بادي، والسكرتيرين السابقين لـ"جبهة القوى الاشتراكية" سمير بوعكوير وكريم طابو، والقياديين من "الجبهة الإسلامية للانقاذ" المحلة مراد دهينة وكمال قمازي، ورئيسة حزب "الاتحاد من أجل التغيير" - قيد التأسيس - زبيدة عسول، ورئيس حزب "الوطن" علي بن واري.
وقال الناشط الحقوقي والمتحدث باسم حركة "مواطنة"، عبد الغني بادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الأرضية السياسية ليست خطة نهائية، وإنما مجموعة أفكار يجري في الوقت الحالي طرحها للنقاش على قوى المعارضة السياسية والمستقلين، ولا تمثل خلاصة نهائية".
وتطرح الأرضية السياسية فكرة إطلاق نقاش وطني جامع يحدّد الجوانب العملية لتعديل الدستور، وتنظيم انتخابات ما بعد المرحلة الانتقالية، على أن يلتزم الجيش الوطني والأجهزة الأمنية بضمان مهامّهم الدستورية، دون التدخّل في خيارات الشعب السياسية.
كما تتضمن سيادة الدولة وحقّ جميع مواطنيها في العيش فيها بحرّية وكرامة، والاقتراع العام باعتباره الوسيلة الوحيدة لاختيار الممثّلين والبرامج السياسية، وتحقيق الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان الأساسية، والحق غير القابل للمصادرة في العمل السياسي والنقابي والجمعوي، والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل والمنصف للثروة، والتحكّم الديمقراطي الفعّال في القوات المسلّحة وأجهزة الأمن من قِبل ممثلي الشعب.
لعمامرة في موسكو
في غضون ذلك، قال نائب الوزير الأول الجزائري وزير الخارجية رمطان لعمامرة، اليوم الثلاثاء، إن "الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر شأنٌ داخلي"، بل هو شأن "عائلي" كما وصف، مؤكداً "قدرة الجزائريين أنفسهم على إيجاد حل للأزمة التي تشهدها الجزائر".
وأضاف لعمامرة، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب مباحثات أجراها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أن "السبيل الوحيد لحل الأزمة في الجزائر هو عبر الحوار السياسي الداخلي".
"
تحاول الجزائر طمأنة شركائها الدوليين بأن الظرف الذي تمر به البلاد شأن داخلي
"
من جهته، حذر وزير الخارجية الروسي بحسب ما نقلت مصادر إعلام محلية، من "محاولات زعزعة الاستقرار في الجزائر"، موضحاً موقف بلاده من الحراك الشعبي في الجزائر، و"رفض موسكو القاطع لأي تدخل خارجي في شؤون الجزائر الداخلية".
وقال لافروف إن بلاده "تتابع تطورات الأحداث في الجزائر باهتمام، ونشاهد محاولات لزعزعة الوضع هناك، ونعارض بشكل قاطع أي تدخل في ما يجري في الجزائر"، مضيفاً أن "الشعب الجزائري هو من يقرر مصيره بناء على الدستور".
وتأتي زيارة لعمامرة الى موسكو في إطار جولة دولية وصفتها الخارجية الجزائرية بـ"محاولة الجزائر لطمأنة شركائها الدوليين بأن الظرف الذي تمر به البلاد شأن داخلي" .
وسبق لوزير الخارجية الجزائري أن التقى برئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، وهو اللقاء الذي أكد فيه لعمامرة أن "الجزائر تطمئن شركاءها الدوليين بأن الظرف الذي تمر به البلاد شأن داخلي".
وقال لعمامرة في تصريح للإذاعة الجزائرية إن الدولة والشعب متمسكون بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا، مشدداً على أن الأمة الجزائرية "ستقف كرجل واحد في وجه المطامع الأجنبية". كما اتهم بعض القوى والمنظمات غير الحكومية بـ"محاولة التدخل في شؤون الجزائر".
وبشأن الحراك الشعبي، قال لعمامرة إن الشباب الجزائري "عبّر بكثير من الاقتناع عن مطالب ديمقراطية واقتصادية واجتماعية"، موضحاً أن الدولة "تحدد سبيل التشاور من أجل بناء الجمهورية الثانية".