زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للاردن لتشييع جثمان والده رحمه الله ، الذي توفي يوم الجمعة الماضي وبموافقة اردنية رسمية قيل انها لاسباب انسانية تحتاج الى وقفة تأمل وتمعن لعل ثمة اسبابا او دوافع اخرى بعضها يخص حركة حماس والاخر قد يعني الاردن وراء هذه الزيارة..

لكن هذه الزيارة لم تفاجىء ولو مواطنا اردنيا واحدا..

فسجل الاردن حافل بهكذا مواقف انسانية تجاه معارضين وخصوم لسياسته من الاردنيين والعرب .. وقد كان للاردن دور انساني مشرف تجاه كل من خالد مشعل نفسه والشيخ احمد ياسين من شرور اسرائيل..فصدر الاردن واسع ورحب ويتسع للاشقاء الفلسطينيين والعرب اذا لم تكن في نفوسهم نوايا مبيتة لالحاق الاذى في امنه واستقراره.. وكما يعلم الجميع فبوابات الاردن مشرعة امام الاشقاء الذين يامونه لاسباب انسانية او تجارية او سياحية او تعليمية او صحية..

ويعلم الجميع ان في الاردن اليوم ملايين الاشقاء من الفلسطينيين والعراقيين والمصريين المقيمين لاسباب انسانية او من اجل العمل..وثمة اشقاء كثر من اقطار اخرى يزورون الاردن لاسباب سياحية او صحية او تعليمية الى غير ذلك من اسباب...

وحتى ثمة تنظيمات وقوى سياسية فلسطينية وعربية مسموح لها في الاقامة شريطة ان لا تمارس نشاطها فيه او تعمل على تنظيم اردنيين ينشطون على ارضه..

وحتى التنظيمات والاحزاب التي فرختها فصائل فلسطينية واحزاب عربية فازت بترخيص لممارسة النشاط الحزبي والسياسي في ربوعه وفي اوساط شعبية..

وبالعودة الى العلاقة بين الاردن وحركة حماس ، فقد تكون زيارة خالد مشعل مناسبة او فرصة ملائمة لاقامة علاقة على اسس جديدة تستند الى الثقة المتبادلة والى المصداقية والشفافية في التعامل .. فكما ان لحركة حماس مصلحة في هكذا علاقة مع الاردن باعتباره الجسر الذي يربط فلسطين بالعمق العربي والاسلامي والدولي ، وكذلك الرئة التي يتنفس بها المناضلون والمجاهدون الذي تطاردهم اسرائيل او السلطة الفلسطينية او حكومتها..

فان الاردن له مصلحة في موقف حركة حماس التي ترفض بالمطلق التخلي عن حق العودة وترفض الوطن البديل لفلسطين..

لا سيما وقد ظهرت مؤشرات واضحة لاحتمال تخلي اوساط فلسطينية بعينها عن حق العودة وقبولها بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم في الاردن وفي الاقطار العربية الاخرى..ووثيقة ياسر عبد ربه –بلين قد اشتهرت بسبب شطب حق العودة من مضمونها..

ثم ان حكومة نتنياهو لا تعترف بحق العودة ولا تلتزم باستحقاقه..

واي حكومة اسرائيلية اخرى قادمة ستضع "فيتو" على حق العودة اللهم الا اذا اجبرت على القبول به..

وحتى الادارة الامريكية في عهد اوباما كما هي في عهد بوش لم تعلن تأييدا لحق العودة.

وكذلك غالبية الدول العربية فان مواقفها غامضة او مائعة تجاه حق العودة..

ومبادرة السلام العربية لم تكن تشر الى هذا الحق مجرد الاشارة لولا اصرار الرئيس اللبناني السابق اميل لحود الذي اصر على ادراجه كحق رئيس من الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وكشرط رئيسي لتحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين..

لذلك حبذا لو تشهد العلاقة بين الاردن وحركة حماس انفراجا مريحا للطرفين.. واحسب ان حركة حماس تجهد لتحقيق ذلك وترحب به كل الترحيب.. نتمنى ان يكون لزيارة مشعل اسباب ودوافع اخرى غير السبب الانساني..