*** انظمة ومؤسسات مكافحة الفساد شكلية وغير قادرة على محاسبة مسؤول واحد
في يوم واحد دخل وزيران اسرائيليان السجن بتُهم الفساد وتلقي الرشى. الاول كان وزيرا للمالية في حكومة أولمرت وحكم بالسجن خمس سنوات, والثاني من حزب شاس كان تولى عدة مناصب وزارية وأُدين بسلسلة من تُهم الفساد. وفي اليوم ذاته - »امس الاول«- بدأت محاكمة الرئيس الاسرائيلي السابق موشيه كساب بتُهم التحرش الجنسي بموظفات عملن في مكتبه حين كان رئيسا للدولة.
وفي الاثناء يواصل الادعاء الاسرائيلي التحقيق مع وزير الخارجية الاسرائيلي جوزيف ليبرمان. اما رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت فقد وُجهت اليه رسميا تُهما بالفساد وسيخضع هو الآخر للمحاكمة قريبا.
كل الامثلة التي اوردناها هي من »الجار« العدو لكنها الحقيقة وعلينا الاعتراف بأن في اسرائيل كما في البلدان الديمقراطية دولة مؤسسات وقانون يخضع الجميع لحكمها ليس لها مثيل في العالم العربي.
نأسف أشد الأسف لهذا الاستنتاج غير اننا مثل آلاف المواطنين نشعر بالغبن والغضب لاننا اخفقنا في تطوير نظام فعال وصارم للرقابة والمساءلة يتعدى ما هو شكلي من تأسيس للهيئات وسن للقوانين وتصريحات تملأ فضاء البلاد بينما نقف عاجزين عن اتخاذ خطوات »تأديبية« بحق مسؤول كبير يعتدي على المال العام او إقالته من وظيفته.
لسنوات مضت كانت العقوبة الأشد للمسؤول الفاسد في الاردن هي إحالته على التقاعد بهدوء ومن دون ضجيج مع منحه كافة حقوقه التقاعدية. هذا الاجراء على تواضعه لم يعد متاحا. فلم تستطع ثلاث حكومات متعاقبة تغيير عدد محدود من المسؤولين في درجة اقل من وزير رغم ما كان يقولوه عنهم رؤساء تلك الحكومات ووزراؤهم المباشرون.
وفي السنوات الاربع الاخيرة أُحبطت اكثر من محاولة للتحقيق في قضايا فساد واغلقت ملفات تفوح منها رائحة الفساد. ولم تتمكن الحكومة الحالية من تغيير بعض المسؤولين اظهرت الادلة الدامغة تورطهم في الفساد على حساب المنصب العام.
حين ننظر حولنا وخلفنا - لسنوات قليلة مرت - نُصاب بالدوار من هول ما حدث من تجاوزات وانتهاكات للقانون واعتداء على المال العام من قبل اشخاص تولوا مواقع المسؤولية وفلتوا من العقاب والمصيبة ان بعضهم ما زال مرشحا لتولي مناصب رفيعة من جديد. يكفي ان نفتح ملفات قطاع الاتصالات وخصخصة قطاعات التعدين والكهرباء والنقل وانشاء »العقبة الخاصة« وصناعة القوانين والتشريعات في الاردن لتجد ان ما فيها من »بلاوي« تستوجب جرّ عشرات المسؤولين الى السجون.
لم يحدث شيء من ذلك ولن يحدث قبل ان تقوم الدولة الاردنية بانعطافة كاملة في مسيرتها وتتخذ من التعددية والديمقراطية الحقيقية وسيلة لادارة شؤون البلاد ومنح السلطات الاستقلالية المنصوص عليها في الدستور. من دون ذلك لن يكتب لجهود مكافحة الفساد النجاح ولن نرى مسؤولا واحدا خلف القضبان وانما في فناء قصره الذي شيده من اموال الشعب.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net