الانتخابات الإسرائيلية "٣"
د. عبدالله صوالحة
18-03-2019 09:36 AM
بات من الواضح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو في طريقه الى الفوز في الانتخابات القادمة حيث تشير معظم الاستطلاعات واتجاهات الرأي العام أن معسكر اليمين هو الأوفر حظا في تشكيل الحكومة( 63 مقابل 57) برئاسة نتنياهو, اضافة الى ما كشفة استطلاع قناة كان الاسرائيلية ليلة امس من ان حزب الليكود تفوق على حزب ازرق ابيض لأول مرة ، ويحدث ذلك نتيجة ظاهرتين ,الأولى أن تأثير لوائح الاتهام التي قدمتها النيابة العامة بحق نتنياهو قد تلاشى مفعولها ولَم تشكل تغييرا حاسما في توجهات الرأي العام الاسرائيلي وخاصة عند مصوتي اليمين الذين لا يثقون أصلا بالجهاز القضائي كما انهم يؤمنون ان الاعلام وقوى اليسار تقود حربا غير اخلاقية ضد رئيس الوزراء نتنياهو فمن لا يسقط عبر صندوق الانتخاب يمكن أن يسقط من خلال القضاء .
الظاهرة الثانية هي التراجع الدراماتيكي لحزب ازرق ابيض بقيادة جانتس الذي فقد بريقه كمخلص ومرشح محتمل لاستبدال نتنياهو وقيادة التغيير في الدولة والمجتمع، ففي كل استطلاع رأي تتناقص عدد المقاعد التي من المتوقع ان يحصل عليها لصالح أحزاب يسارية اخرى مثل العمل او ميرتس ولَم ينجح جانتس ولو لمرة واحدة بأن يكون المرشح الأنسب لتولي رئاسة الحكومة ,حيث رأى 37% فقط من الإسرائيليين ذلك، في حين أن حزب الليكود ما زال يحافظ على قوته وزخمه وما زال نتنياهو الشخصية الأنسب لتولي رئاسة الحكومة بنظر 44% من الاسرائيليين .
ويعود السبب في تراجع قوة تحالف ازرق ابيض وتقدم الليكود إلى عدة أسباب, أهمها أن المواقف السياسية التي يعلنها هذا الحزب غير واضحة بل احيانا متماهية مع مواقف اليمين وخاصة في موضوع القضية الفلسطينية وعملية السلام فلا يوجد ذكر في برنامج الحزب لكلمة سلام او حل الدولتين او توجه لتغيير قانون القومية وما الى ذلك , فلا اليسار يعتبره يساريا ولا هو تعبير دقيق عن توجهات اليمين .
اضافة الى ان تحالف ازرق ابيض ليس حزبا منظما ذو كوادر وفروع ولجان تعمل على الارض وإنما تجمع عدد من الشخصيات الأمنية والسياسية انضم إليها حزب يش عتيد والتفوا حول فكرة إيجاد بديل ومنافس لنتنياهو ، بالمقابل فإن حزب الليكود هو الحزب الأكثر تنظيما و تماسكا وانسجاماً والتزاما بالأفكار والرؤى التي يقوم عليها الحزب, وهو ما زال الأكثر تمثيلا لمعسكر اليمين .
نقطة اخرى مهمة وحاسمة في هذه الانتخابات هي الأصوات المتأرجحة او المترددة ، فعدد غير قليل من المصوتين يصبحوا غير متأكدين من اختياراتهم في الأيام الاخيرة للانتخابات خاصة عندما يتبين أن بعض الأحزاب ضعفت أو فقدت فرصتها على المنافسة او ان تيارا معينا بدأ يظهر صلابة وقدرة أكبر على حصد الأصوات ، هذا السيناريو يعمل لصالح الليكود بشكل أفضل حيث معظم أصوات اليمين المتأرجحة وخاصة تلك المنتمية لحزب يمين هحداش بقيادة نفتالي بينت وايليت شاكيد ستذهب الى الليكود اضافة الى أصوات الأحزاب اليمينية الصغيرة جدا والتي لا يتوقع لها أن تتجاوز نسبة الحسم . وبالمقابل فإن الأصوات المتأرجحة لدى حزب ازرق ابيض تذهب لكل من حزب العمل وحزب ميرتس، باختصار شديد فإن حزب الليكود هو الحزب الوحيد الذي لا تتسرب أصواته الى احزاب و تيارات اخرى.
نظرة اخيرة الى احداث الاسبوع الماضي تعطينا تصور معقول إلى أي حد خدمت الوقائع السياسية فرص الفوز عند معسكر اليمين ، فالصواريخ التي أطلقت من غزة باتجاه تل ابيب ساهمت بشكل كبير في ارتفاع شعبية نتنياهو لدى الجمهور الاسرائيلي بصفته " سيد الامن " كما يتم الترويج له ، بالمقابل أدى الكشف عن اختراق الهاتف المحمول للمرشح بني جانتس الى تعقيد مهمته ، فقد اخبر الشاباك المرشح جانتس أن المخابرات الإيرانية تمكنت من الوصول إلى جميع محتويات هاتفه الشخصيّ، بما في ذلك المعلومات الشخصية والمراسلات الخاصة إلى جانب المراسلات التي تتعلق بطبيعة دوره السياسي، مؤكدة بذلك أن جميع هذه المعلومات أصبحت الآن في أيدي المخابرات الإيرانية.
Mutaz876@gmail.com