كبش فداء أم بداية مراجعة شاملة؟
جميل النمري
18-03-2019 03:12 AM
قرار مجلس أمانة عمان الكبرى بإقالة مدير المدينة الرجل الثاني بعد أمين عمان الكبرى يعني ضمنا أن المجلس أخذ بتقرير اللجنة المستقلة عن التقصير الذي تسبب في غرق وسط المدينة. هذا مع ان القرار لم يربط رسميا بموضوع التقصير.
هذا قرار جريء لكنه وحده لا يكفي. وتقرير لجنة التحقيق الخاصّة بالأمانة كانت قد خرجت باستخلاص مغاير للجنة المستقلة فلم يتحدث عن اي تقصير ورأى أن كمية الأمطار كانت غير مسبوقة وفاقت الطاقة الاستيعابية لقنوات التصريف. ويبدو ان خلافات حدثت في اللجنة قادت الى استقالة رئيسها ولا نعرف كيف سينتهي تقرير اللجنة التي عين لها رئيس بديل وطلب المجلس ان تسلم اللجنة تقريرها قبل غد لرفعه الى رئيس الوزراء. وقرار أمس سيبدو بمثابة تقديم كبش فداء يستبق نتائج واستخلاصات التحقيق الذي اذا خلص لوجود تقصير فهو يجب ان يعطينا بتفصيل مهني وفني كيف وأين ولماذا وقع هذا التقصير وهو على الأرجح سيضم مسؤولين آخرين لمدير المدينة الذي لم يشر اصلا قرار المجلس لمبرراته المعروفة ضمنا.
أمانة عمان مؤسسة كبرى تعمل بموازنة تتجاوز معظم الوزارات وهي تبدو على قدر عال من الكفاءة والفعالية لكن نعرف انها من الداخل مليئة بالترهل واشكال الفساد الاداري وتفشي الواسطة والمحسوبية والحمولة الزائدة، لكن كل الوقت بدت الأمانة خارج المساءلة وطرفا غير ذي صلة بقضية الشفافية والنزاهة والاصلاح الذي تنشغل به مؤسسات المجتمع المدني مع الحكومة. والأمانة ليست دائرة حكومية لكنها اكبر مؤسسة عامّة على الاطلاق.وهي تقع خارج دائرة الرقابة البرلمانية لأن لها مجلسا منتخبا لكن طبيعة المجالس البلدية تختلف فهي أيضا سلطة تنفيذية تقود الجهاز الاداري وليست سلطة رقابية منفصلة وهذا يصنع مشكلة بالنسبة لطبيعة الرقابة والمساءلة التي يفترض ان تخضع لها كل ادارة وسلطة تنفيذية. ومن بين الملاحظات على غرق السوق المركزية المطلقة للقرار عند مدير المدينة؟
وبمناسبة اطلاق الخطة الوطنية الرابعة 2018 – 2020 لمبادرة شراكة الحكومات الشفافة يا ليت لو يفرد محور خاص للبلديات وأمانة عمان الكبرى، يضع تصورا لتطبيق مبادئ الشفافية والرقابة والمساءلة وأي تعديلات يفترض القيام بها على التشريعات لتحقيق هذه الغاية. ومن المؤكد ان هناك ثغرات في الأنظمة والتشريعات تتيح للواسطة والمحسوبية ثم للرشوة والفساد والتنفع ان تتفشى بلا حدود ويبقى ان الأمر يعتمد على الضمير والنزاهة الشخصية للأفراد في موقع المسؤولية وانا اعرف ان هذا النوع من الناس يعانون بشدّة ، واذكر ان الأمانة في فترة سابقة وباعتراف الأمين في حينه قامت بتعيين اكثر من 1600 موظف خلال شهور قليلة وعلى ابواب انتخابات نيابية لصالح عدد من النواب المتنفذين خارج كل الأسس، ولم يترتب على هذا الفساد الهائل اي مسؤولية.
المهم لدينا الآن حادثة استثنائية قد تضعنا امام بداية جديدة كما يدل على ذلك القرار غير المسبوق في عمر الأمانة بإقالة الرجل الثاني فيها على خلفية تقصير ولن يكون مقبولا دفن القضية بتقديم كبش فداء. لا نريد فقط تقريرا شفافا عالي المهنية حول ما حدث وحدود المسؤوليات عنه على كل مستوى بل تقديم مقترحات اصلاحية حازمة وشاملة لأمانة عمان ونحن نعرف ان كل قرار في الأمانة يمكن ان يترتب عليه مكاسب بالملايين قد تغري أي مسؤول. من ضمن برنامج الاصلاح يجب نشوء نظام فعال للرقابة والمساءلة وتقييم الأداء.
الغد