مذبحة نيوزيلندا .. الإرهاب اليمني المتتطرف هو الأسرع نمواً
17-03-2019 05:16 PM
عمون - استعاد ألان ميندوزا، مدير تنفيذي للمركز البحثي البريطاني "هنري جاكسون سوسايتي"، تضرعاً مؤلماً لأحد المسلمين الذين عايشوا لحظات الرعب أثناء اعتداء إرهابي يميني متطرف: "يا رب، دع رصاصات هذا الرجل تنفد"، فعندما كانت الرصاصات تتطاير فوق رأسه، لجأ إلى الله طالباً النجاة، في ردّ فعل طبيعي لأأي شخص وُجد في ظروف مماثلة.
على المعنيين الانتباه إلى ضرورة تفادي استنساخ الجرائم في هذا الإطار وأضاف ميندوزا في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أن التضرع خلال هجوم إرهابي بات متكرراً حالياً، ومستوحىً من كراهية اليمين المتطرف. أودى هجوم كرايستشيرش بحياة 49 مسلماً نيوزيلندياً يمارسون مبادئ إيمانهم. في الغالب، يسهل نسيان أن المسلمين يشكلون عدد الضحايا الأكبر، وبفارق كبير، للإرهاب حول العالم.
مجنون وإرهابي
يبدو أن الجزار الذي شن هذا الهجوم الوحشي تحديداً واهم بشأن معتقداته السياسية وستقيم حالته النفسية قريباً. ومع ذلك، ليس كافياً وصف هذا العمل بفعل "رجل مجنون"، إذ كان اعتداءَ منسقاً ومعداً بعناية على يد متطرف مقتنع أمضى سنتين يحضر عمليته. يجب النظر إلى هذا الإرهابي مثل أي مجرم يحض على الكراهية. أما أن يكون القاتل غير معروف لدى السلطات، فلا يجب أن يفاجئ ذلك المتابعين كثيراً.
ماذا أظهرت الأرقام؟
أظهر بحث هنري جاكسون سوسايتي أن مختلف السلطات كانت على دراية بـ 4% فقط من مهاجمي اليمين المتطرف قبل اعتداءاتهم بالمقارنة مع حوالي نصف الإرهابيين الإسلامويين. وتعني هذه الثغرة الاستخبارية أن الهجمات، ستُحبط بوتيرة أقل.
والأمر ليس نتيجة تركيز أمني لم يكن في محله وحسب، بل هو أيضاً انعكاس لمسار اكتساب التطرف بطريقة شخصية نسبياً لدى إرهابيي اليمين المتطرف.
صيد على الإنترنت
يبحث معتنقو اليمين المتطرف غالباً عن أفكارهم على الإنترنت، لذلك هم يعرفون القليل من مبشري الكراهية. ويسعون خلف الخطابات العنيفة بطريقة أشبه بتقفي طريدة الصيد عبر الإنترنت.
ومع مرور الوقت، وانزلاقهم أكثر فأكثر في الكراهية، يصلون إلى نقطة منطق سيستحيل على أي كان اعتناقها. لكن هنالك عدد متزايد من الأشخاص الذين يلتزمون بها.
إن البيان الذي نشره مطلق النار، والذي قارب 71 صفحة، معقد بمقدار ما هو مجنون. ويُظهر النص كاتباً أمضى وقتاً طويلاً، يبحث عن المواد. وسيعكف المحققون والباحثون على التدقيق في البيان لفهم الرجل وكيف استطاع ارتكاب هذا العمل الوحشي، وكيف غابت المؤشرات التحذيرية.
تشابه
وما يقفز إلى الأذهان مباشرةً هو تشابه البيان الذي تركه برينتون تارانت مع الذي تركه أندرس بريفيك الذي قتل 69 شاباً نرويجياً، والذي كان في 1518 صفحة، ونشره قبل 90 دقيقة من ارتكابه مجزرته.
يبدو أن هنالك الكثير من القواسم المشتركة بين موقفي بريفيك وتارانت. ويظهر، كما في الإرهاب الإسلاموي، أن اعتداءً يمكن إلهام اعتداءات أخرى. ويجب على المعنيين الانتباه إلى ضرورة تفادي استنساخ الجرائم في هذا الإطار.
إرهابان يغذيان بعضهما
يرى الباحث أن الإرهاب الإسلاموي لا يزال أكثر فتكاً من الإرهاب اليميني المتطرف، وسيستمر كذلك على الأرجح. لكن الإرهاب اليميني المتطرف، هو أسرع أشكال الإرهاب نمواً ويجب مواجهته. غير أنه يجب معرفة أن التطرفين يغذيان سردية بعضهما. ويجب أيضاً منع توجيه الموارد الثمينة بعيداً عن التهديدات الموجودة سلفاً، إذ ستتطلب التحديات الجديدة استثماراً جديداً.
الضالون هم أنفسهم.. وكذلك الضحايا
مع مواجهة الخصوصيات الجديدة لهذا التهديد، تبقى العديد من تحديات مواجهة الإرهاب هي نفسها. الضالون هم أنفسهم، وحيدون تجذر فيهم التطرف عبر خطابات مصممة على تعليمهم الكراهية.
والضحايا هم الأبرياء أنفسهم الواقفون على هامش نزاعات متخيلة لم يشاركوا فيها. والمأساة ستكون محطمة للقلوب كما حصل يوم الجمعة، و"ما يمكن أن يجمعنا عقب الهجوم على نيوزيلندا هو العمل ضد تهديد مشترك لمجتمعاتنا"، يختم ميندوزا.
24