الفلسطينيون بين دولتين الأصلية والبديلة
ماهر ابو طير
15-03-2019 01:36 AM
لیس جدیدا ذلك الذي قالھ رئیس الحكومة الإسرائیلیة، حول أن العرب لدیھم اثنتان وعشرون دولة، ولیسوا بحاجة الى دولة جدیدة، قاصدا الدولة الفلسطینیة، وانھ یرفض بكل قوة قیام دولة فلسطینیة ذات سیادة، وان لا حقوق للشعب الفلسطیني في فلسطین التاریخیة.
ھذا الكلام الذي یطلقھ نتنیاھو عبر حملتھ الانتخابیة، یطابق واقع السیاسة الإسرائیلیة التي تأبى قیام دولة فلسطینیة حتى على المساحات المتبقیة من الضفة الغربیة، وقد قیل مرارا لمن یروجون للسلام إن إسرائیل تعتبر الضفة الغربیة والقدس ارضا یھودیة، لھا تاریخھا، ولن تقبل بقیام دولة في ھذه المساحات، تحت أي عنوان كان.
حسنا؛ یأتي ھذا الكلام قبیل أسابیع من الانتخابات الإسرائیلیة، وقد یبرر البعض ھذه الصراحة بكونھا وسیلة لجذب الأصوات الإسرائیلیة، لكن الواقع أیضا یؤشر على ذات الاستخلاص.
علینا ان نسأل السؤال ونحن قبل أسابیع او اكثر من اطلاق صفقة القرن، عن مصیر الشعب الفلسطیني، في كل فلسطین، من جھة، وفي الضفة الغربیة والقدس وغزة، لأن الواضح أن صفقة القرن تعتمد على أمرین، أولھما اعتبار ھؤلاء مجرد تجمعات سكنیة، بحاجة الى إدارة یومیة، من جھة قادرة على ذلك، فیما الأمر الثاني یتعلق بتسكین المطالب الوطنیة، مقابل اغراءات اقتصادیة، لجھات عدیدة، من اجل التورط في إدارة السكان.
بھذا المعنى فإن مشروع الدولة الفلسطینیة انتھى كلیا، وھو واجھ ھذا المصیر قبیل تصریحات نتنیاھو، فلا دولة فلسطینیة، ولا الواقع الجغرافي، وسرقة الأرض، وتھوید القدس، وعزل غزة، وتقطیع الضفة الغربیة، وإقامة المستوطنات، یجعل حل الدولة الفلسطینیة حلا مستحیلا، فیما الحل الثاني الذي یتوھمھ البعض، أي حل الدولة ثنائیة القومیة، مرفوض إسرائیلیا، حتى لو توسلنا لھم، بقبول ھذا الحل، ودمج الوطنیة الفلسطینیة بتلك الإسرائیلیة.
ھذا الاستعصاء لیس غریبا عند من لدیھم بصیرة، لكن السؤال الأھم یتعلق بالكیفیة التي سیلجأ لھا العالم لحل القضیة الفلسطینیة التي یستحیل ان تبقى معلقة دولیا بھذه الطریقة.
على الاغلب ھناك ثلاثة سیناریوھات، فقط، أولھا بقاء الوضع القائم كما ھو، بحیث تصبح السلطة الوطنیة الفلسطینیة ھي سلطة الإدارة، عبر ادامة ھذا الوضع، وتحسین الوضع اقتصادیا، والاكتفاء بما نراه، دون أي حلول في الأفق، وبما یشكلھ ذلك من مخاطر.
الثاني ترقیة شروط الإدارة السكانیة، عبر ادخال طرف عربي مع السلطة الوطنیة، مصر في غزة، والأردن في الضفة الغربیة، وتغییر شكل السلطة الوطنیة الفلسطینیة الى شكل آخر، اقل من دولة، واعلى من سلطة، ودمج السكان بدول الجوار، بحیث یخف الضغط على إسرائیل، نحو ترحیلھ الى ھذه الدول، ضمن تصور أوسع، لھ مواصفاتھ، وھذا یعني فعلیا استبدال مشروع الدولة الفلسطینیة كدولة اصیلة لمواطنیھا، بمشروع الدولة البدیلة التي تدیر السكان، وبحیث یبدو الامر خروجا من عقدة سقف السلطة الوطنیة الفلسطینیة.
اما الحل الثالث، فھو تغیر المعادلة الإقلیمیة والدولیة، بحیث تنھار كل الظروف والشروط في المنطقة، وتتعرض الخریطة الحالیة الى ضربة كبرى بسبب حرب واسعة، او مواجھات مفتوحة، بحیث تتمدد الازمات من مكان الى آخر، ولحظتھا، قد یصیر حل الدولة الفلسطینیة، مطروحا بشكل مختلف، من اجل ترتیب كل الأوراق في المنطقة، وھذا السیناریو تحدیدا، قد لا یبدو خیالیا، وفي الوقت نفسھ، یحمل مراھنة غیبیة على ظرف لا یمكن توقع تفاصیلھ.
السلطة الوطنیة الفلسطینیة وقعت في الفخ منذ اتفاقیة أوسلو حین اعترفت بثلاثة ارباع فلسطین بكونھا إسرائیلیة، مقابل ثمن مؤجل لم یدفعھ الإسرائیلیون، وفوق ھذا تقف السلطة الیوم عاجزة ومشلولة ومتورطة في دورھا الوظیفي لصالح إسرائیل، دون ان تكون قادرة على فك عقدة السلام، ودون ان تقبل الاستدراج نحو انتفاضة ثالثة تعید ترتیب الأوراق.
لقد آن الأوان ان نتوقف عن الحدیث عن عملیة السلام، وبیع الوھم على الناس، بعد ان ثبت انھا مجرد عملیة تساعد إسرائیل على إتمام مشروع الدولة الإسرائیلیة، ونحن بحاجة الى إجابات واضحة عن البدیل الذي بأیدینا امام ھذه الحالة واضحة الملامح؟!
الغد