الفساد مستشرْ لدينا ، هذا الكلام لا ننقله عن الشارع رغم ان المواطن يحس ويشعر
باستشراء الفساد ، الا ان هذا الكلام يأتي من اعلى مسؤول حكومي وهو رئيس الوزراء ، الذي
لم يتحدث لمرة واحدة عنه بل يكرر ذلك باستمرار ومنذ الايام الاولى لتوليه المسؤولية ،
وحتى يوم امس ونحن نعرف ان رئيس الوزراء عندما يتحدث عن سلبية فانه لا ينطق عن الهوى ،
فكيف اذا كررها لمرات عديدة ، فهذا يعني ان هناك مشكلة كبيرة ومثل هذه المشكلة المفترض
ان يكون لها حلول او كشف لطبيعة الفساد ، وتحديد اذا كانت الحكومة قادرة على معالجتها
ام لا ، وان يكون لرئيس الوزراء موقف واضح وان تفرد الاوراق على الطاولة ، لان المواطن
يبحث عن الحلول بدل الحديث عن المشكلة دون توضيح وتفصيلات. جميل جدا ان يتحدث شخص مثل رئيس الوزراء عن وجود الفساد واستفحاله لدينا ، ولكن حديث
رئيس الوزراء يندرج في باب العموميات التي نعتقد انها بحاجة الى تفصيل وتوضيح سواء
بالكشف عن الفساد والمفسدين او بالعمل الجاد على منع الفساد ، فالمواطن لا يكفيه ولا
يشفي غليله الحديث بقدر ما يفرحه التأشير والتوضيح لحالات الفساد والاجراءات اللازمة
لمنعها ، خاصة وان البعض يعتبر الفساد نوعا من انواع الشطارة والفهلوة ، سواء بالتعدي
على المال العام او الوصول الى الموقع الوظيفي المتقدم على حساب خلق الله ، على اعتبار
ان من يسلكون طريق الفساد هم الطبقة المتقدمة والاولى في المجتمع.
حاول رئيس الوزراء الحالي ولا ننكر له ذلك ، التصدي للفساد فانشأ قانونا وهيئة لمكافحة
الفساد واشر على بعض القضايا وقام بوضع اسس وتعيين لجنة للتعيينات في المواقع المتقدمة
في الدولة ، ولكن هذه الاجراءات لم تشفً غليل المواطن المتعطش لوضع حد للفساد: فالقضايا
التي اثيرت لم تصل الى نهاياتها لغاية الان وكذلك لوحظ في قضية التعيينات في المراكز
المتقدمة ان هناك من هم اقوى من اللجان ، فظهرت العديد من التعيينات التي لم تكن وفق
الاجراءات وضعتها هذه الحكومة وكانت هناك تعيينات من غير لجان ، مما يعكس وجود نوع من
التناقض بين القول والواقع ، حتى اننا مؤخرا لم نعد نسمع عن لجنة التعيينات ان كانت لا
تزال موجودة ، ام انها الغيت رغم ان الناس لم تكن لديهم القناعة التامة بسلامة
الاجراءات في عمل مثل هذه اللجان.
المواطن العادي يلمس الفساد ويشعر به سواء من حيث استغلال المال او استغلال الموقع
الوظيفي ، ويتولد للمواطن الاحباط عندما يسمع عن قضايا فساد او محسوبية باعتبارها احد
انواع الفساد ، ولكن المواطن لا حول ولا قوة له في ذلك ، لانه لا يملك الحلول وليس هو
المعني بالحلول ، فالمعني بالحلول هو حكومته التي جاءت لتعمل من اجله ولتضع حدا
للتعديات التي قد تحصل على حقوقه ، ومن هنا نعتقد ان على الحكومة العمل على الكشف عن
الفساد بفتح الملفات وفضح المستور في هذا الموضوع ، لاننا ان بقينا نكتفي بالحديث فقط
في العموميات سنبقى نراوح مكاننا ولن نحد من الفساد والمفسدين: فعدم الكشف يسهم في
التمادي بدل المنع ووضع الحدود لهم.
البريد الالكتروني
faresh26@yahoo.com