شعبنا طيب ومليء بالشهامة هَذَا الأمر لا شك فِيهِ، ويحق لَنَا أن نفتخر بِهِ، وَرَغْم التطورات الحاصلة فِي المجتمعات، وانهيار كثير من القيم فِي العالم، فما زِلْنَا نحافظ عَلَى الحد الأدنى من هَذِهِ الصفات الطيبة، ونتمنى ألا تختفي من مجتمعنا، وأن تبقى مُلْتَصِقَة فِيهِ، وَمَع ذلِكَ يَجِبُ أن ننتقد أنفسنا كَيْ نحاول أن نصحح بَعْض الأخطاء الَّتِي نقع بِهَا بِشَكْل جماعي، فما من أمَّة إلا وتحتاج للنقد كَيْ تتطور، وتضع أقدامها عَلَى سِكَّة التطور، والتحديث فِي عالم متسارع لا يرحم من يتوقف عَن تطوير نَفْسه.
الـمُجْتَمَع الأردني محظوظ لأنه مُجْتَمَع متنوع، وهَذَا التنوع لَهُ انعكاسات إيجابية تمثلت فِي زيادة منسوب الوعي الاجتماعي والعقلي عِنْدَ الجَمِيع، وَكَذلِكَ أدَّى إلى تناقح، وتفاعل، مِمَّا أثرى التَّجْرُبَة الاجتماعية، وأعطى لِلْنَاسِ نماذج مُتَعَدِدَة فِي محيط صغير، ومِن المعروف أن الإنسان عِنْدَمَا يَعِيْش فِي بيئة مُتَعَدِدَة الأجناس، والأفكار، والألوان، والمشارب، يتوسع ذهنه، ومداركه، ويصبح أكثر ذكاء، وَقُدْرَة عَلَى التَعَامُل مَع محيطه.
وكأي مُجْتَمَع فِي هَذَا الكون هُنَاكَ بَعْض السلبيات الَّتِي ترافق مثل هَذَا التنوع الَّذِي يزعج البعض – وهم أقلية- ممن لا يحبون التنوع، وَيُعَانُونَ من مُشْكِلَة فكرية تجعلهم يظنون أن النَّاس كلهم يَجِبُ أن يكونوا بلون واحد، أوْ يتصرفون بِطَرِيقَة وَاحِدَة، وَمَع ذلِكَ كُلهُ فإن الـمُجْتَمَع منسجم، وَالـمُشْكِلات الَّتِي تظهر هُنا وَهُنَاكَ لا تخرج عَن السيطرة، وَهِيَ مستهجنة من غالبية النَّاس، وهَذَا يَدُلّ عَلَى حيوية الـمُجْتَمَع، وقدرته عَلَى امتصاص الاختلافات.
من الـمُهِم لَنَا أن نعمل عَلَى محاربة التجييش السلبي من متطرفين فِي بلدنا من كل فِئَة اجتماعية للفئة الأخرى، وأن نثقف شعبنا أن هُنَاكَ مَخَاطِر عديدة تحيط بِنَا، وأن قدرتنا عَلَى النَّجَاة من الظروف الصعبة الَّتِي مَرَّت بِهَا منطقتنا فِي العقود الـمَاضِيَة لَهُ أسباب كَثِيرة، من ضمنها الإدارة الحكيمة المتسامحة، والشعب الواعي الذي لا ينجر إلى العُنْف وويلاته، وأن بَعْض الظواهر السَّلْبِيَّة الَّتِي تظهر هُنا أوْ هُناك من البَعْض مثل مُحَاوَلات الاستقواء عَلَى الدَّوْلَة، أوْ استعمال السلاح، أوْ المشاجرات العشائرية، أوْ غيرها يَجِبُ أن تختفي حَتْى نحافظ عَلَى بَلَدنَا وإذا حَصَلَ العكس لا سمح فإننا سنغرق فِي مُشْكِلات لا طاقة لَنَا بِهَا.
عَلينا أن ندرك أن هُنَاكَ الكثيرين يتربصون بِنَا، وأنه كَيْ ننجو، ونحافظ عَلَى الاستقرار لا بُدَّ من نشر المحبة بَيْنَ الجَمِيع، وأن نعمل عَلَى بِنَاء هوية جامعة نلتف حولها قائِمَة عَلَى الإنجاز، والمحبة، وَلِلْحَدِيثِ بَقيَة.