صفقة أم صفعة و“سایکس بیکو“ جدید!
جهاد المنسي
13-03-2019 12:18 PM
في العام 1916 فرضت الدولتان الكبریان آنذاك (فرنسا وبریطانیا) على المنطقة تقسیما جدیدا، غیرتا بموجبھ خریطة منطقتنا، وتقسیما عرف باتفاقیة سایكس بیكو نسبة لمھندسي الصفقة من كلا البلدین.
ذھب المستعمر بعد سنین، ولكن الحدود التي اقیمت بقیت قائمة وأخذت جغرافیا معینة فنتج عنھا حدود بین دول بلاد الشام (سوریة، لبنان، الأردن وفلسطین)، ووقتھا انتدبت بریطانیا نفسھا على الأردن وفلسطین وكذا فعلت فرنسا مع سوریة ولبنان.
الیوم، بعد مرور قرن و3 سنوات على الاتفاقیة یبدو ان سید الغرب الجدید (الولایات المتحدة الامیركیة) بات بحاجة لوضع بصمتھ في حدود المنطقة، بعد ان نھب خیراتھا واستولى على نفطھا واستطاع رھن مقدرات الاوطان لصالحھ.
الیوم ایضا، وفِي ظل سیطرة المحافظین الجمھوریین على السلطة في واشنطن من خلال الرئیس دونالد ترامب، وتغلغل اللوبي الصھیوني في مفاتیح القرار الامیركي، بات تفكیر واشنطن محصورا بالطریقة التي تستطیع من خلالھا تأمین وجود الكیان الصھیوني واستمراره، والحفاظ على أمنھ وازدھاره، وھذا یتأتي بنظره من خلال ابعاد كل عوامل الضغط التي كان یتعرض لھا جراء حركات المقاومة التي كانت احیانا تقلق راحة الكیان الصھیوني وتوجعھ حینا.
الإدارة الأمیركیة ومن خلفھا اللوبي الصھیوني تتحدث یومیا ومنذ تولي ترامب سدة البیت الأبیض عن صفقة أسمتھا صفقة القرن، وتظھر المعطیات الأولیة التي تسربت عنھا بأنھا تخالف قرارات الشرعیة الدولیة، والأممیة، وترفض الاعتراف بالحق الفلسطیني بإقامة دولتھ المستقلة على تراب أرضھ وعاصمتھا القدس.
المؤشرات القادمة من واشنطن تقول أن الإعلان عن صفقة القرن بات وشیكا، وربما لا یفصلنا عنھا سوى ایام لا تتعدى 60 یوما على اكثر تقدیر، وتلك الصفقة تقوم على فكرة تذویب الحدود بین الدول، ودمج الكیان الصھیوني في المنطقة من خلال انفتاح اقتصادي تعتقد واشنطن انھ سیكون بدایة الطریق لاندماج دیمغرافي سیاسي، ثقافي وحتى اجتماعي لاحقا.
المعطیات تقول إن الصفقة التي نفذ جزء كبیر منھا على ارض الواقع من خلال نقل سفارة واشنطن للقدس والاعتراف بھا أمیركیا كعاصمة للكیان، والتضییق على المصلین في الاقصى وتدنیسھ بشكل یومي، كل ذاك یرمي لتثبیت الصھاینة في القدس ولاحقا تقسیم الأوقات بین الصھاینة والفلسطینیین كما حصل في المسجد الإبراھیمي في مدینة الخلیل، یتبع ذلك منح مناطق كسلوان وغیرھا للفلسطینیین لإقامة عاصمتھم علیھا، ومنح إشراف ذاتي محلي دولي على المسجد الاقصى وكنیسة القیامة، وھذا ترافق مع تفتیت الجغرافیا الفلسطینیة من خلال عدم القدرة لاحقا على إقامة دولة متماسكة الاطراف، یتبعھا تسھیلات اقتصادیة لدول المنطقة واندماج اقتصادي بینھا، بحیث تذوب الحدود ویصبح بالإمكان الانتقال بشكل سلس للبضائع ولاحقا البشر.
ما ذكر ھو ما یدور بعضھ على الأقل في خلد الادارة الأمیركیة واللوبي الصھیوني في واشنطن، وربما نسجت الولایات المتحدة لدول المنطقة احلاما وردیة تترافق مع اموال طائلة (لن تتعدى تلك الأموال 70 – 80 ملیار دولار على ابعد تقدیر)، بید ان التخطیط الدفتري لا یمكن سحبھ على ارض الواقع، فھناك قضایا لا تموت وأبرزھا القضایا الحقوقیة، فحق الشعب الفلسطیني في ارضھ لا یموت مع الزمن وحق اللاجئین حق أممي لن تنفع الضغوطات الامیركیة الھادفة لخنق (الانوروا) وتقلیص الدعم لھا في إقناع من یحمل مفتاح بیتھ في صدره ان ینسى.
طریقة الضغط على الدول اما سیاسیا او اقتصادیا للقبول بما جاءت بھ واشنطن من أفكار لن یأتي بنتیجة، ورفع وتیرة خنق الدول اقتصادیا لجھة قبول ما تقدمھ واشنطن من حلول متبوعة باغراءات مالیة لن یقنع احدا، والتفكیر بزیادة الضغط الاقتصادي على الفلسطینیین وغیرھم لا یقنع شعوبھا بقبول تقسیمات جدیدة للمنطقة. (الغد)