ملف المرأة الاردنية .. اين الخلل؟
د. هايل ودعان الدعجة
12-03-2019 11:52 AM
ما يزال التعاطي الاردني الرسمي والشعبي مع ملف المرأة يعاني من خلل كبير في ظل النظرة الى المرأة الاردنية باعتبارها حالة واحدة ومستوى واحدا وظروفا واحدة ، دون الاخذ بعين الاعتبار الفروقات والاختلافات الواضحة في الظروف والمستويات المجتمعية ، التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية وغيرها بين النساء الاردنيات في المحافظات والمناطق المختلفة . مما يجعل من هذا الملف الوطني الحيوي والهام مشوبا بعيب غياب الاسس والمعايير الموضوعية في التعاطي معه والحكم عليه ، والذي علينا مراعاته عند تناولنا لقضايا المرأة ، وذلك قبل الحكم على الحيز الذي تشغله في المشهد الوطني ، وما اذا كان ينصفها ويرتقي الى مستوى تطلعاتها وطموحاتها ام لا .. على اعتبار ان الخلل يكمن في معيار التقييم بداية ، الامر الذي سيقود الى نتائج خاطئة وغير موضوعية بالضرورة ، طالما الخطأ او الخلل يكمن في الاساس المعتمد في دراسة الاشياء والحكم عليها.
فالملاحظ انه ورغم هذه الفروقات المجتمعية ، الا ان التركيز منصب على فئة معينة ومحددة من النساء الاردنيات ، وفي العاصمة وفي جزء منها ، ممثلا بغرب عمان تحديدا ، من اللواتي يعشن ظروفا حياتية ومجتمعية متقدمة على نظرائهن في بقية محافظات ومناطق المملكة ، بحيث يتم اختزال واختصار ملف المرأة الاردنية وتقييمه والحكم عليه في هذه الفئة الاجتماعية بعينها .
لدرجة ان هذا الوضع انعكس على تفكير مطبخ القرار الاردني في اقتصاره التعيينات في الوظائف الحكومية والرسمية الهامة والمتقدمة عليها ، بدليل تضمين الحكومة الحالية عند تشكيلها سبع نساء من لون ومستوى وبيئة وثقافة معينة ، تمثل جزءا من عمان ، وتتجاهل المرأة الاردنية في الجزء او الاجزاء الاخرى منها ، وفي بقية المحافظات والمناطق والمجتمعات المحلية ، التي ما زلنا نتعامل معها بلغة الاحسان والجمعيات والمشاريع الخيرية ، ومراكز الخياطة والحرف اليدوية والمهنية في تكريس واضح لهذه الفوارق الطبقية المجتمعية في مجتمعنا الاردني .
مما يجعل المرأة الاردنية غير ممثلة تمثيلا حقيقيا ( من قبل المرأة نفسها ) عند تناول ومناقشة القضايا والملفات التي تخصها .. إذ كيف لفئة تنعم بالظروف والفرص الحياتية والمجتمعية الملائمة ، ان تعبر عن مصالح فئات أخرى لا تتوفر لها مثل هذه الفرص والمزايا .
تأكيدا على التفاوت في المستوى الثقافي والاجتماعي بينهما . مما يعني عدم وجود حالة من الانسجام والتوافق حول قضايا المرأة الاردنية ، وبالتالي عدم وجود من يحمل همها ويتكلم بأسمها على قاعدة من العدالة والمساواة ، لضمان وصول رسالتها الى كل من يهمه الامر بموضوعية .
وذلك لعدم وجود ممثلات حقيقيات قادرات على تمثيلها والتعبير عن مصالحها في المناطق الاردنية المختلفة . مما يتطلب توفير قيادات نسائية في كافة البيئات المناطقية ، كما هو الحال في انتخاب نساء في المجالس النيابية والبلدية والمحلية ومجالس المحافظات ،تفعيلا لدورهن في المشاركة في عملية صنع القرار وادارة شؤون الدولة ، مع ضمان توفير قنوات اتصال وتواصل وتفاعل ومتابعة ، ومد جسور من التعاون والتنسيق بين مختلف القيادات النسائية للوصول الى توافقات وتفاهمات وقواسم مشتركة حول قضايا المرأة المراد بحثها وطرحها للنقاش والدفاع عنها ، بعد ان تكون الصورة عن هذه القضايا قد اكتملت اركانها وحظيت بالاحاطة الشاملة وتوحدت لغة الخطاب بشأنها ، بحيث لا تكون مقتصرة على فئة نسائية معينة ، تتحدث باسم المرأة الاردنية وهي غير ملمة بكافة تفاصيل المشهد النسوي الممتد على كامل الجغرافيا الاردنية .
لذلك علينا التوقف عن كيل الاتهامات وتوجيهها الى التقاليد والاعراف والانماط والموروث الثقافي والاجتماعي ، وتحميلها مسؤولية الاخفاق في التعامل مع ملف المرأة ، طالما ان مثل هذه المسؤولية تقع بالاساس على عاتق المرأة الاردنية نفسها ، حتى انها لم تنجح باقناع المرأة بانتخاب المرأة .
اضافة الى فشلها في تكوين رأي عام اردني نسوي يتبنى قضاياها ويدافع عنها ، وعجزها ايضا عن توحيد كلمتها ورأيها حول هذه القضايا ، بحيث تضمن وجود لغة واحدة مشتركة ومعبرة عن مصالحها ومواقفها قبل الخوض في غمار معركة المطالبة بالعدالة والمساواة .
في تأكيد على ان المرأة الاردنية مطالبة باعادة ترتيب بيتها اولا من خلال التنسيق والحوار والتواصل ، للوصول الى قواسم مشتركة ، تعينها في الدفع بقضاياها الى الواجهة المجتمعية ، لتكون في دائرة اولويات واهتمامات الدولة الاردنية بكافة مكوناتها ومؤسساتها .