في ظروف تراجع الاستثمار و هروب رأس المال و الذي أدى لقلة الوظائف المتاحة و ارتفاع نسبة البطالة بشكل مخيف وتردي الأوضاع الاقتصادية لدى المواطنين ، لفت نظري صورة في خبر زيارة حكومة الرزاز للأغوار و قد افترش البساط العربي في إحدى الوحدات الزراعية و خلفه خيرات الغور العشبية فخطر في بالي كلام من عاصروا في مرحلة ما أحوالاً أكثر ضيقاً منا و أجبرتهم لابتكار أطعمة من الأعشاب البرية كالخبيزة و الحويرّة و اللوف و اللسينة و الخرفق و غيرها الكثير مما تنبت الأرض كبديل برّي عن الشراء من الأسواق حينها لقلة الحيلة ، و رغم انقضاء تلك الأسام فهم ما زالوا يطهون بعضاً منها اليوم إشتهاءً لطعم بعضها و حنيناً إلى أيام البساطة رغم البؤس الذي عايشوه .
ومن أبرز ما قيل خلال لقاء دولة الرئيس في ذات المكان ما قالته سعادة النائب فضية الديّات أنها قد " هرِمَت " وهي تنتظر زيارة الرزاز ! و بدأت باستعرض مشاكل أهالي الأغوار و الحلول الواجبة لتحسين أوضاعهم و التحديات التي تواجه المزارعين و الخسائر التي تكبدوها .
في جو تقلب التشريعات و الظروف الاقتصادية الصعبة التي عصفت و تفاقمت خصوصاً مع هجرة رأس المال المحلي المطردة مؤخراً التي شملت هجرات عائلية و المتمثلة بالسفر إلى دول شمال شرق البحر الأبيض المتوسط و لا يتقنون لغتهم و ليسوا بالقريبين من ثقافتهم يبدأون بالاستثمار بها في سوق العقار طامحين للحصول على إقامة دائمة أو منتهية بالتجنيس حيث يستقطَبون ممن سبقوهم بوجود ظروف استثمارية و لا يعلمون أن كثيراً منهم مستفيدين من العمولات التي يتقاضونها بعقد شراكات مع مكاتب عقارية و تجارية هنالك رغم عودة عدد منهم دون معرفة الأسباب ، و قد أدى هروب رأس المال المستمر إلى تضرر القطاعات المحلية المختلفة فعلى سبيل المثال هجرة عائلة مكونة من خمسة أفراد حرمت قطاع التعليم الخاص من ثلاثة طلاب و ما يحتاجونه من مسكن و غذاء و دواء و لوازم مدرسية و ألعاب و غيرها الكثير مما أدى لتراجع في نتائج القطاعات الصناعية و التجارية و الخدمية و حتى عوائد الرسوم و الضرائب ، فليس هنالك من لم يلحظ منا إغلاق مطاعم و محال تجارية على مدار عام و تعثر استثمارات لأسماء متداولة و معروفة في أسواقنا .
و مع ما نراه مؤخراً من وسائل التعبئة للإضرابات و المسيرات التي تطالب بإيجاد حلول من وظائف و مطالب أُخرى معظمها محق فلا يسعني سوى أن أقول عُذراً يا إبن وطن لا توصلنا إلى فوضى لا تُحمد عقباها ، فسيستغلها القاصي و الداني ممن يتربصون ليلاً و نهاراً لإيجاد فرصة لركوب موجة الأزمات للوصول لكرسي يعتاش و عائلته منه و بعد أن يشبِع متابعيه و المعجبين به مثاليات في ظاهرها قابلة للتطبيق و في باطنها أنانية و مصلحة شخصية و عجز هو يعلمه .
فهل لتلبية دعوة زيارة الأغوار دلالة معينة في مرحلة نقم و حنق غير مسبوقين نتيجة الأحوال الاقتصادية التي عصفت بهم مؤخراً ؟ و هل وصلت حكومة الرزاز بالمواطن إلى مرحلة الخبيزة ؟!