شارك الجيش العربي الاردني في جميع الحروب العربية ضد إسرائيل ، بما فيها حرب تشرين عام 1973، حيث قاتلت القوات الأردنية على الجبهة السورية جنبا الى جنب مع القوات السورية والقوات العراقية والقوات العربية الاخرى ، دفاعا عن سورية ودفاعا عن دمشق التي لم يكن يفصلها عن مرمى المدفعية الإسرائيلية إلا حوالي40 كيلو مترا تماما. كما قاتلت القوات الاردنية في حروب الامة السابقة دفاعا عن القدس وفلسطين عام 1948 حيث حافظ الجيش الاردني على الضفة الغربية وعروبة القدس وفي عام 1967 اذ خاض الجيش الاردني حرب 1967 تحت قيادة عربية عليا هزمت منذ ان تحطمت الطائرات المصرية جاثمة في 81 مطارا مصريا ، ورغم ذلك خاض الجيش الاردني الحرب وربح المعركة ، لولا قرارات الانسحاب والعودة عنها عدة مرات والتي كان يصدرها القائد عبد المنعم رياض بناء على اوامر مماثلة يصدرها قائد الجبهات اللواء عبد الحكيم عامر من القاهرة مما اضطر الجيش الاردني لترك ميدان المعركة مشاركا الامة هزيمتها وسط احتجاج الضباط والجنود الاردنيين .
شاركت القوات الاردنية في حرب تشرين عام 1973 ممثلة بالفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن علاوي جراد النجادات حيث تكاملت الفرقة على الارض السورية قبل قرار وقف اطلاق النار ولكن اللواء الاربعين هو الذي خاض المعارك بفعالية وكان على خط التماس المباشر مع العدو في الجولان ، حيث ارسل قائد الفرقة الثالثة اولا اللواء المدرع الاربعين بقيادة العميد الركن خالد هجهوج المجالية ومعه مساعد قائد اللواء 40 غالب عبد النبي المطر العجارمة . اما قادة الكتائب اللواء 40 فهم :
المقدم الركن محمود حماد الوانيس المواجدة ويقود كتيبة الدبابات الرابعة الملكية
المقدم الركن حامد ابو جاموس الدعجة ويقود كتيبة الدبابات الثانية الملكية
المقدم الركن صالح حسين ويقود كتيبة الأمير عبدالله بن الحسين
المقدم الركن عبد الحليم شاكر ويقود كتيبة المدفعية السابعة
فيما كان اللواء 92 بقيادة العقيد الركن خالد عبد النبي المطر العجارمة فقد دخل الاراضي السورية تعزيزا للواء المدرع الاربعين ، وكان قادة كتائب اللواء 92 هم:
المقدم الركن محمود ابو وندي
المقدم الركن مرزوق فلاح العابد
المقدم الركن سامي عبد الكريم القاضي
المقدم الركن طلال عبيدات قائد كتيبة المدفعية الثقيلة
اما عن مجريات حرب تشرين على القاطع المخصص للجيش الاردني والعراقي وفرقتين سوريتين ، فقد قال الفريق الركن المتقاعد محمود حماد لوكالة الانباء الاردنية ؛ إنه في يوم عيد الغفران عند الإسرائيليين وفي حوالي الساعة (1400) من يوم السادس من تشرين الأول عام 1973 بدأت المرحلة الأولى من الهجوم على الجبهة المصرية وعلى الجبهة السورية ، وفي غضون ساعات تمكنت القوات المصرية من اجتياح خط بارليف ، وكانت المفاجأة في أعلى درجاتها لدرجة أن الذهول والارتباك أصاب القيادة الإسرائيلية العليا وامتد الى كافة المستويات ، وتمكنت فرق الدبابات من عبور القناة شرقا على جسور عائمة وتمكنت من انتظار الهجمات الإسرائيلية المعاكسة وتدميرها.
كما أن الجيش السوري استطاع في جناحه الجنوبي التوغل في هضبة الجولان بفرق آلية. وقال: لقد بدا أن الموقف ليس في صالح إسرائيل فجاءتها النجدة من حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية وبدأت اكبر عملية إمداد جوي في القرن الماضي ، حيث بدأ إرسال الدبابات والمدافع والذخائر من المستودعات سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا وزودت إسرائيل بأسلحة وذخائر متطورة مثل صاروخ (تو) المضاد للدروع . وقال الفريق الركن المتقاعد حماد ,وبعد أن تمكن الجيش الإسرائيلي من تثبيت الجيش المصري جنوبا قامت إسرائيل في الثامن من تشرين الأول بهجوم معاكس بفرقتي دبابات، وتمكنت من إعادة احتلال هضبة الجولان والتقدم شمالا مرتكزة على جبل الشيخ من الشمال، وتمكنت من أحداث خرق من اتجاه مدينة القنيطرة والى الشرق، حيث تمكنت قواتها من احتلال التلال المسيطرة على طريق درعا ـ دمشق وكانت المسافة عن مدينة دمشق حوالي 35 كيلو مترا.
وبعد أن أصبح الموقف صعبا طلبت سوريا من الدول العربية المساعدة العسكرية، فلبَّى الأردن النداء ، واستجاب عدد من الدول العربية حيث أمر جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه بإرسال خيرة ألوية الجيش المدرعة الى سوريا ( اللواء المدرع الأربعين ) من الفرقة المدرعة الثالثة الملكية. ففي الثالث من تشرين الأول صدرت الأوامر للقوات المسلحة الأردنية بترك معسكراتها والتحشد والانتشار استعدادا لأي طارئ . وقال: صدرت الأوامر يوم الحادي عشر من تشرين الأول الى قائد اللواء المدرع الأربعين العميد الركن آنذاك خالد هجهوج المجالية بأن يتحرك لمقابلة ضباط سوريين في منطقة درعا تمهيدا لكشف منطقة الواجب في الجولان، وبعد الكشف عاد إلى اللواء والذي كان متحشداً بكتائبه الأربع بالإضافة لكتيبة المدفعية، وقد اجتمع جلالة الملك الحسين رحمه الله بقادة اللواء في منطقة خربة العظام بالقرب من الرمثا، وإصدار أوامره لقائد اللواء بالحركة، وفي حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 12/13 تحركت كتائب اللواء الى سوريا الشقيقة وكما يأتي: كتيبة الدبابات الثانية الملكية ويقودها المقدم الركن حامد أبو جاموس وكتيبة الدبابات الرابعة الملكية ويقودها المقدم الركن محمود حماد الموانيس وكتيبة الأمير عبدالله بن الحسين ويقودها المقدم الركن صالح حسين وكتيبة المدفعية ويقودها المقدم الركن عبدالحليم شاكر.
في يوم 4 تشرين ألاول 1973 عقد اجتماع في قيادة اللواء المتمركز في تلة دحدح غربي مدينة درعا، وأثناء ذلك وصل العميد كمال غريب من الجيش السوري وطلب باسم اللواء مصطفى طلاس أن يتقدم اللواء المدرع الأربعين، لأن الموقف قد أصبح صعباً، وصدرت الأوامر من قائد اللواء بالتقدم، وبدأ القصف المدفعي الإسرائيلي يركز على الجيش الاردني أثناء التقدم ، حيث سقط أول شهيد من كتيبة الدبابات الرابعة وهو الرقيب محمد عبيد رحمه الله وهو من السرية الأولى. وبيَّن الفريق المتقاعد حماد انه في الخامس عشر من تشرين الأول صدرت الأوامر لقائد اللواء المدرع أربعين بالهجوم على الجزء الأيسر من منطقة الخرق التي أحدثتها القوات الإسرائيلية بحيث يكون اللواء جزءاً من قوات صلاح الدين العراقية والتي صدر لها الأمر بالهجوم على الجزء الأيمن من منطقة الخرق . وأضاف إنه وفي الساعة 0630 (السادسة والنصف صباحاً) من يوم السابع عشر من تشرين أول بدأت مجموعة كتيبة الأمير عبدالله الأولى باجتياز خط البدء بعد قصف مدفعي مركز على تلال مسحرة ، وكانت كتيبة الدبابات الرابعة في مواقعها يسار تلة الحارة وتقوم بالرماية على تلال مسحرة لمساندة العملية، وبعد أن اجتازت سرايا كتيبة الأمير عبدالله خط البدء وبدأت بالتقدم للأمام باتجاه مسحرة، كانت تدمر المقاومات التي أمامها ، وتقدمت حتى وصلت الكتيبة لمسافة 800 متر من تلال مسحرة، وطلب قائد الكتيبة رفع نيران المدفعية، غير أنه في هذه اللحظة شاهد رمايات مسددة من دبابات وصواريخ تنطلق على ميمنة ومؤخرة الكتيبة من "تل المال" والذي كان من المفترض ان يكون محتلا من قبل القوات العراقية، وقد أدت هذه الرمايات إلى تدمير عدد من دبابات الكتيبة وناقلتين مدرعتين إحداهما ناقلة قائد الكتيبة الذي جرح ونقل إلى الخلف. أما كتيبة الدبابات الرابعة فكانت خطتها مهاجمة تل مسحرة من الجهة الجنوبية الغربية، وتقدمت الكتيبة وانتشرت على مسافة عرضها 8 كيلومترات، وبدأت القوات الاردنية بالمناورة بالدبابات يمينا ويسارا ، وكان تحركها بنظام النار والحركة لتحاشي صواريخ الجو ونيران الدبابات المعادية، وكانت إجراءات الكتيبة بسراياها وقادة سراياها فعالة جداً.
وقال الفريق المتقاعد حماد: إن الأجهزة اللاسلكية الأردنية والسورية رصدت ما مرره القائد الإسرائيلي في الأمام إلى قائده في الخلف بقوله: أمامنا دبابات مثل دباباتنا تناور كثيرا وتتقدم باتجاهنا وأصبحت قريبة منا وتم تدمير معظم قواتي , ما هذه الدبابات ؟ وقد أتاه الجواب : هذا اللواء المدرع الأردني الاربعين الذي حاربكم في جنين إذا أردتم أن تحيا إسرائيل عليكم بتدمير هذا اللواء .
استمرت المناورات حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا، وتمكنت الكتيبة من الوصول الى الطريق الرئيسي، وبدأت دبابات وآليات العدو بالانسحاب من منطقة مسحرة الى منطقة الشمال، كما تم تدمير أربعة مراكز للصواريخ, ويضيف القائد الاردني الفريق حماد عندها جاءني أمر من قائد اللواء عليك الانسحاب الى المواقع التي انطلقت منها صباحا، فأجبته: إن موقفي جيد ولم يصب عندي سوى دبابتين، وحققنا الهدف باحتلال المنطقة المخصصة، لكنه طلب مني العودة فوراً إلى قيادة اللواء وبإصرار، فعدت ومعي الملازم عزيز العبادي ضابط الاستخبارات بواسطة كاشفة، وأثناء عودتنا سمعت صوت قصفا شديدا، وبعد ذلك وجدت نفسي مرمياً على الأرض، وبعد انقشاع الغبار وجدت الملازم عزيز مرمياً على الأرض أيضاً، وكانت الكاشفة مقلوبة، وذهبت إلى الكاشفة وتفقدت السائق وإذا به لم يصب بأذى، ولكنه أخذ يؤشر على رأسه، وإذا بشظيه من صاروخ كاتيوشا قد اخترقت جهاز اللاسلكي خلف رأسه، وحينما عرفت سبب استدعائي وفهمت الموقف من قائد اللواء، وبالفعل كان خطراً على كتيبتي التي توغلت كثيرا خلف خطوط العدو ، عدت مسرعاً وأصدرت الأمر على جهاز اللاسلكي إلى مساعد قائد الكتيبة الرائد عقلة العيطان ليعود بالكتيبة إلى المكان الذي انطلقنا منه صباحاً، وقد خسرت الكتيبة دبابتين واستشهد ثلاثة من رجال الكتيبة وهم من الخيرة رحمهم الله.
وأضاف الفريق حماد لقد تم إعلامنا بأنه من المحتمل أن يزوركم زائر كبير، فعدت من مواقع السرايا الأمامية لقيادة الكتيبة، وكانت في منطقة العالية، حيث وصل المغفور له جلالة الملك الحسين رحمه الله الى قيادة كتيبة الدبابات الرابعة، وكان معه المرحوم الأمير زيد بن شاكر رئيس الأركان والمرحوم العميد الركن علاوي جراد قائد الفرقة المدرعة الثالثة الملكية وضباط سوريون، فاستقبلته مع ضباط الكتيبة، ثم جلس بجانب ناقلة العمليات، وبدأ يكتب رسالة للرئيس حافظ الأسد هذا نصها: سيادة الأخ الرئيس حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية : " إنني ولئن تواجدت اليوم بين إخواني في السلاح رجال اللواء المدرع الأربعين على ارض سورية العزيزة الشقيقة فبصفتي شقيقهم بالسلاح وأخاهم وهم يؤدون واجبا مقدسا ورثوه وورثناه معهم عن أبائنا وأجدادنا في الذود عن حياضهم بالمهج والأرواح ، اغتنم هذه الفرصة وأنا مقدر كل التقدير بكل ما تتحملون الآن من أعباء وواجبات تأخذ وقتكم جله ومن جهدكم كله، أظن أن آخذ منه أكثر من لحظات، حيث أبعث إليك برسالتي هذه التي أحييكم فيها باسم كل إخواني وإخوانكم في القوات المسلحة العربية الأردنية على خط المجابهة الطويل وكل أبناء أسرتي الأردنية الواحدة الكبيرة وأنقل لك ولكل أبناء سورية الحبيبة ورجال قواتها المسلحة والقوات العربية الشقيقة تحياتنا وتقديرنا واعتزازنا بإخواننا سدد الله خطانا جميعا لبلوغ أعز الأهداف والغايات انه ناصر الحق وعليه الاتكال ( الخميس 22 رمضان 1392 هجرية الموافق 18/10/1973 ".بعدها زار جلالة المغفور له الحسين وحدات اللواء ثم عاد الى الاردن .
وقال اللواء حماد : إنه في الساعة 0600 من صباح التاسع عشر من تشرين أول تقدمت كتيبة الدبابات الثانية الملكية لاحتلال أهدافها ، وتمكنت من طرد العدو من منطقة تلال جنجر بعد معركة شديدة استشهد فيها أحد قادة سرايا الدبابات الملازم فريد الشيشاني رحمه الله وتمكنت الكتيبة من احتلال المنطقة والسيطرة على الطريق حوالي الساعة 0900 يوم 19/10/ 1973 . وفي حوالي الساعة 0930 طلب مني قائد اللواء بأن أبدأ بالهجوم على الأهداف المحددة لي وأمرني بان أتقدم الى يسار كتيبة الدبابات الثانية الملكية وفي هذه الحالة سيكون جناحي الأيسر مكشوفا وتحت تأثير تلال الندى المسيطرة فطلبت منه تعديل محوري ليكون على يمين كتيبة الدبابات الثانية الملكية حيث ستحمي جناحي الأيسر فوافق قائد اللواء على ذلك. وأضاف لقد بدأت كتيبة الدبابات الرابعة الملكية في التاسع عشر من تشرين أول بالتقدم للأمام لاحتلال أهداف جبا، مسحرة، تل الشعار . وقال انه في صبيحة يوم الثالث والعشرين من تشرين أول وحوالي الساعة الثانية صباحا وافقت سوريا على قرار مجلس الأمن والقاضي بوقف إطلاق النار وبذلك تم إيقاف تنفيذ هذه الخطة .
وقال العقيد المتقاعد ملوح نزال العيسى: لقد كلفت من قبل قائد اللواء بأن أتحرك فورا الى درعا لمقابلة اللواء بدر الدين رمضان مدير المدرعات السورية للتنسيق معه . وأمرني قائد اللواء بالعودة الى سوريا مرة أخرى وإخبارهم بأننا سنقوم بفتح ثغرات في حقول الألغام وبدأت القوات الأردنية بفتحها ليلة العاشر والحادي عشر من تشرين الأول وفي ليلة الثاني عشر دخلت القوات الأردنية الى الأراضي السورية. وأضاف العقيد العيسى لقد عقد اجتماع في قيادة قوات صلاح الدين العراقية حيث كلف اللواء بمهمة الهجوم المعاكس على تل المال وأبو جنجر ومسحرة وجبا وتل أبو الندى والتلول الحمر على أن يتزامن هذا الهجوم مع هجوم اللواءين السادس والثامن العراقيين .
وتحرك اللواء من خط البدء الساعة الخامسة والنصف صباح يوم السادس عشر من تشرين الأول باتجاه تل المال حيث بدأت كتيبة الأمير عبد الله بالقصف وتقدمت حتى مشارف التل وبقيت الكتيبة مكشوفة الجناح الأيمن وأصيب قائدها بجروح وصدر أمر بالتحرك لاحتلال تل مسحرة حيث قامت الدبابات باحتلاله . اما العميد المتقاعد المهندس عبد المنعم الزعبي فقد قال ان حرب تشرين تميزت عن الحروب العربية السابقة مع إسرائيل بتوفر عدة عوامل كانت كفيلة بتحقيق النصر منها توفر الإرادة السياسية لدى الجانب العربي لاستعادة الأراضي المحتلة بالقوة بعد ان فشلت كل الجهود السياسية بذلك ومنها القيام بالتحضير الجيد والسري لهذه الحرب من تسليح وتدريب وتنسيق بين الدولتين الرئيسيتين مصر وسوريا ومنها أيضاً بدء الحرب لأول مرة من الطرف العربي ليسقط بذلك ركن أساسي من النظرية الإسرائيلية القائم على الضربة الاستباقية .
في الحلقة القادمة نواصل الحديث عن دور الجيش الاردني في الجولان ابان حرب تشرين / رمضان الى جانب جيش سورية الشقيقة ...