من الضروري أن يراجع الإعلام الأردني طريقة تصنيفه للاخبار المهمة وكيفية عرض الإنجازات الأردنية الحقيقية وتسليط الضوء عليها وذلك بعد مرور 5 أيام على الصفقة الاستثنائية التي استحوذت بموجبها شركة ياهو العملاقة في مضمون الإنترنت على شركة مكتوب الأردنية بمبلغ وصل إلى 85 مليون دولار وفتح المجال أمام ياهو لدخول العالم العربي من بوابة الأردن. هذه القصة لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه في الإعلام الأردني مقابل صعودها إلى مرتبة عالية جدا في لائحة الأخبار المتداولة في صحف ووسائط إعلامية دولية وإقليمية ، حيث وصلت إلى الصفحة الأولى في عدة مطبوعات في الخليج والعالم ، إلا في بلد الشركة التي حققت هذا الانجاز.
هذه هي قصة النجاح الحقيقية التي تستوجب التركيز وتسليط الضوء عليها والشعور بالفخر تجاهها. مجموعة من الشباب الأردنيين بدأوا في العام 1997 مشروعا لتقوية المضمون المعرفي والإخباري العربي عبر الإنترنت في وقت كان اختراق الإنترنت لا يزال في بدايته وكانت التجربة بمثابة مغامرة حقيقية. بعد 12 عاما تحقق الشركة إنجازا كبيرا من خلال الثقة التي جعلت شركة ياهو تباشر في استثماراتها في المنطقة من الشركة الأردنية.
ليست مكتوب هي الأولى والوحيدة ويمكن لنا أن ننتظر أخبارا طيبة أخرى من مجموعة من الشركات الأردنية التي بدأها شبان مغامرون ومبدعون وتوسعت واستقطبت الكثير من الاهتمام من الشركات العالمية في السنوات القادمة ويمكن أن تتكرر صفقة ياهو - مكتوب عدة مرات في الأردن ، بعد التقدم الكبير الذي حققه جيل متميز يستحق المزيد من الدعم والتعزيز.
ولكن هذه الصفقة بالذات تحمل الكثير من العناصر الهامة والتي سوف تحقق نقلة نوعية في تطوير مضمون اللغة العربية عبر الإنترنت وتحسين برامج التصفح والبحث بهذه اللغة وتقوية أدوات الانتقال نحو مجتمع معرفة باللغة العربية وتضع العالم العربي فعليا على خارطة الإنترنت العالمية.
بعد عملية الشراء سوف تقوم شركة ياهو بإدخال المحتوى العربي كاملا إلى خدماتها الإخبارية وخدمات البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية ، ويؤكد كيث نيلسون نائب رئيس الشركة للأسواق الجديدة أن هذه الصفقة سوف تمثل أكبر توسعة لخدمات ياهو الجغرافية منذ عدة سنوات. لا تقوم ياهو بهذه الصفقة بدون دراسة فهي تعرف مدى انتشار الإنترنت في العالم العربي حيث أكد التقرير السنوي لانتشار الإنترنت أن الشرق الأوسط وبنسبة تزايد سنوية تبلغ 9% هو أكثر منطقة في العالم تشهد نموا متسارعا لاستخدام الشبكة العنكبوتية ، وفي هذا الصدد فإن اختيار ياهو لشركة مكتوب الأردنية يدل على نجاح كبير للشركة المحلية يشبه إلى حد بعيد أقوى وأكثر قصص النجاح إبهارا في تاريخ تكنولوجيا المعلومات.
وفي هذا الصدد يكتب فادي غندور المدير التنفيذي لآرامكس وهي واحدة من الشركات الأردنية الرائدة على المستوى العربي والعالمي حول هذه الصفقة بأنها تمثل "قصة نجاح في كيفية تحويل الأحلام إلى حقيقة من خلال مزيد من الإبداع اللامحدود والأداء الفعال بتواضع على مستوى الأعمال". ويضيف غندور بأن هذه الصفقة تمثل تذكيرا للقادة في العالم العربي أن الجيل الشاب من الرواد يطمح الى اقتصاد مبني على المعرفة وليس النفط وسيطرة الدولة كما أن هذا المثال يؤكد بأن الثروة الحقيقية في بلادنا هي الإنسان المتعلم المبدع وليس العقارات.
عبارات فادي غندور ترسخ أهمية الاستثمار في تكنولوجيا المعرفة والعوائد الكبيرة المترتبة عليها ولكنها أيضا دعوة إلى المزيد من الاهتمام بهذا القطاع الواعد الذي تجاوز الكثير من البيروقراطية واساليب العمل التقليدية في قطاعات أخرى وتمكن من اكتشاف الفرص والبناء عليها.
batir@nets.jo
عن الدستور.