المتابع لسوق سندات الخزينة المحلية يلحظ انخفاضا في اسعار فوائد سندات الخزينة طويلة الاجل وبما يعكس تزايد الاقبال عليها. فما هي اسباب هذا الاقبال المتزايد؟
الاسباب كثيرة، بعضها يفسر الاقبال على سندات الخزينة والبعض الاخر يفسر التهافت على الاجال الطويلة. واما ابرز هذه الاسباب فهي:
اولا: ارتفاع نسبة القروض الى الودائع في القطاع المصرفي المحلي وتجاوزها حاجز ٩٠% بالنسبة للدينار الاردني، وهو الامر الذي يقيد قدرة البنوك على التوسع في منح القروض و يزيد، بالتالي، من شهيتها للاستثمار في سندات الخزينة.
ثانيا: قلة البدائل المتاحة امام البنوك في ضوء تراجع النشاط الاقتصادي وتاكل الملاءة المالية للعديد من المقترضين من الافراد والشركات، وهو ما يضعف من شهية البنوك لاقراض القطاع الخاص ويزيد من السيولة المتاحة لاقراض الحكومة عبر سندات الخزينة.
ثالثا: المعيار المحاسبي الجديد رقم ٩، والذي يعامل سندات الخزينة المقومة بالدينار معاملة الادوات صفرية المخاطر، اذ يعفيها من مخصصات خسائر الائتمان، بخلاف القروض التي يفرض المعيار عليها (حتى العامل منها) مخصصات تدني خسائر ائتمانية.
رابعا: التوقعات بان يتبع الفيدرالي الامريكي، ومعه البنوك المركزية العالمية الرئيسية، سياسات نقدية اقل انكماشية في ضوء تباطؤ الاقتصاد العالمي و تنامي المخاوف من احتمالية انزلاقه نحو الركود، وما قد يستتبعه ذلك من تراجع في اسعار الفوائد. هذه التوقعات تدفع البنوك الى التوجه نحو الادوات ذات العائد الثابت، مثل سندات الخزينة، وتحديدا تلك ذات الاجال الطويلة، لأن الاخيرة تتيح للبنوك الاستفادة من اسعار الفوائد السائدة، و لفترات طويلة.
خامسا: تنامي الضغوط على ربحية البنوك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وفي ضوء قانون ضريبة الدخل الجديد، يدفعها عند الاستثمار في سندات الخزينة والمفاضلة بين الاجال المختلفة الى اختيار الاجال الطويلة نظرا لعوائدها المرتفعة نسبيا.
يضاف الى ما سبق عامل سادس هو شهية صندوق استثمار الضمان الاجتماعي للاستثمار في السندات طويلة الاجل نتيجة مخاطرها المنخفضة واجالها الطويلة. يشار الى ان الادوات المالية ذات الاجال الطويلة تكتسب اهمية خاصة بالنسبة لصناديق التقاعد فهي تحقق لها شيئا من التوازن بين كفتي الموجودات والالتزامات.

حركة اسعار الفوائد تحمل الكثير من الدلالات. لذا فان مراقبتها والتنبؤ بها ضروري على الرغم من صعوبته البالغة. العوامل السابقة سوف تستمر بالتأثير على اسعار الفوائد لكن من المهم ايضا ان نراقب كيف تتصرف الحكومة في اصداراتها. فهل تتجه الحكومة نحو التركيز على الاجال القصيرة اذا ما ترسخت التوقعات بثبات او تراجع اسعار الفائدة ام يكون تركيزها على السندات طويلة الاجال للتخفيف من مخاطر التركز على المدى القصير والمتوسط؟