*مع مضي نصف فترة الرئيس الأمريكي، صاحب مشروع (صفقة القرن) لتسوية النزاع الشرق أوسطي، ومنه النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، مازالت هذه الصفقة في مساحة رمادية أو ضبابية... وتبرز من حين لآخر، ثم يعلن عن تأجيلها... وكان آخر تأجلين: إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية ثم إلى ما بعد صيف (2019)، ويمكن اعتبار ذلك من ضروب التشكيك... في هذه الصفقة.
وإذا ما كانت التسريبات عن هذه الصفقة تؤشر إلى وجودها وبعض عناصرها، فهي تمثل تحالفاً (صهيو- أمريكياً) لتصفية القضية الفلسطينية، لا يختلف عن تحالف (سايكس-بيكو) إلا بالإخراج: فالأخير ثم سريّاً، أما الصفقة فتتم علانية... يبحث قادة المشروع (الصهيو- أمريكي) عن الوقت الملائم لفرضها، إقليمياً ودولياً، مثل الضعف العربي، والترهل أو التمزق الإسلامي، والاختلال الأوروبي وتفاقم الأزمات الدولية.
*ما زالت الرؤى متباينة في طبيعة هذه الصفقة. إنّ ظهرت:
- فالرؤية الأمريكية تتلخص في حرصها على أدنى مطالب الصهيونية، وتجاهل المطالب الفلسطينية الوطنية.
- والرؤية الصهيوينة (الإسرائيلية) تتمثل في تطبيق مفهوم (قومية/ يهودية) الدولة، وتلتقي بذلك مع الرؤية الأمريكية.
-والرؤية الفلسطينية لا تقبل بأقل من (حل الدولتيْن) بعد مضي قرن من المقاومة والصراع مع الصهيونية.
- أما الرؤية العربية فقد اختارت (المبادرة العربية) كتسوية شاملة للصراع العربي- الصهيوني.
واختلاف هذه الرؤى يمكن اعتباره المؤشر الواضح في فشل هذه الصفقة أو إخراجها إلى خير الوجود.
*وثمة عوائق أخرى في تعثر هذه الصفقة، فيما لو نجح التحالف (الصهيو- أمريكي) في محاولته:-
- فهي تحاك أو تصاغ بمعزل عن الشعب المستهدف، وهو الشعب الفلسطيني، فتصبح فاقدة لأهم عنصر عن عناصر النجاح ... وهو (قبول المستهدف) وهذا أمر غير وارد، ويزداد تمسكا بحقه.
- كما لم يعلن أي موقف عربي عن إمكانية تقبلّها أو بحثها، وكلما برزت الصفقة، كلما خرج النظام العربي (بتمسكه) بحل الدولتيْن والمبادرة العربية، ولو بتصريحات سياسية.
- وجاءت القرارات الأمريكية العدائية للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الوطني، جاءت لتزيد القضية تعقيداً مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبار القدس (عاصمة إسرائيل)، ومحاولة القضاء على وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كخطوة لإسقاط (حق العودة).
- أما التعنت الصهيوني الإسرائيلي، فيتمثل بتحويل الصراع الفلسطيني / الصهيوني/ الإسرائيلي إلى قضية (أمن إسرائيلي، وتحسين وضع اقتصادي فلسطيني).
*وما دام الشعب العربي الفلسطيني هو الجهة المعنية، فلن يجد مشروع الصفقة طريقة إلى التنفيذ أو الفرض، فتضحياته عبر قرن من الزمان في الصراع مع الصهيونية، وصموده على أرضه، وتمسكه بحقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس المحتلة، تجعله لا يقبل- بأقل من هذا المطلب الوطني.
الدستور