هناك عدة عوامل واسباب للوصول الى مدارج " النخبة " في الاردن ، المال و النسب " والارث " ، فتشريح بنية نظام التوزير الحكومي في الاردن منذ تأسيسه الى الان تتحكم به العوامل الثلاث السالفة الذكر .
فتاريخ "التوزير" الحكومي في الاردن يبين أن "الاصل النبيل و المال و"الرضاء" تلعب دورا حاسما في تقرير مصير الاستيزار .
فعند رصد تشكيل الحكومات الاردنية وقادة الراى العام و السياسية نجد انها ظلت لحد بيعد حكرا على الافراد المنحدرين من عائلات مسلحة بالمال و الرساميل الثقافية و الاجتماعية .
ومن أبرز الادوات الاجتماعية التي يعتمد عليها للوصول الى مراكز القرار السياسي و الاقتصادي ، نجد أن المصاهرة بين العوائل المتنفذة لعبت دورا مهما ، فالزيجات ابعد ما تكون عن اتحادات عاطفية بل أنها محكومة بالتبادلات بين العوائل على ثلاث واجبات وهي العطاء و الاخذ والاسترداد .
والمصاهرة بالزيجة في حقل صناعة النخب لا تكون من باب الخطأ ومن توقيع "الصدف" ، لا بل أنها عملية معقلنة مخطط لها بغية حصد امتيازات و حيازة مواقع محتملة ، وهنا لدينا معطيات رقمية لحالات حيازة السلطة من هذا الباب ولا سبيل لذكرها في هذا السياق لانها ستكون مادة لمشروع كتاب أعكف على نشره قريبا .
وفي "قراءة" نقدية لصناعة النخب نجد أن الاسس وادوات ذاتها بحقل النخب الحكومة تتجاوز النخب السلطوية الحكومية لانها تشمل كذلك المعارضة السياسية بمرحلتيها التاريخية : لما قبل عام 1989 وما تلاه من الغاء لاحكام العرفية و أجراء أنتخابات ديمقراطية وفق لمبدأ التعددية السياسية ومشاركة الاحزاب .
فالاحزاب السياسية في الحقبتين بقيت عبارة عن مراكز سلطة تتجسد في مجموعة من القيادات السياسية الذين يتقسمون دواليب الهرمية الحزبية من أمانة عامة و مكتب سياسي ولجنة مركزية لذلك بقيت الاحزاب حصنا منيعا عن اختراق أبناء الطبقات الاجتماعية و الفئات السياسية جديدة التثقف والتعليم .
أما بالنسبة للمؤسسة العشائرية التي كانت حتى أوساط الثمانيات من القرن الماضي هي الاداة الابرز للوصول للسلطة الى جانب المال و المصاهرة والارث ، بيد أن الحداثة جعلتها تتكييف مع النظام السياسي الجديد بطرق ووسائل جديدة ، فعملية التوزير الحكومي من باب العشيرة او القلبية طرى عليها تغيير في الطرق .
فالعشيرة مازالت تعلب الدور نفسه الحيوي في التدبير السياسي للحقل الاجتماعي ، الا أن اعتماد المراكز العشائرية بات يرتكز على رأس المال و غيرها من العوامل التي أنتجت قيادات متكررة في حالات التوزير بالحكومات الاردنية المتعاقبة .
في ظل ذلك "مجموع " تبقى كتلة أجتماعية كبيرة " علب صماء " خارج حركة دوران السلطة وصناعة النخب ، بل أن نخب مثقفي الظل الاجتماعي والمؤسساتي الرسمي و الشعبي يبقون في حالة "تهميش " .
ويجاري ذلك ممارسات حكومية لتهجين وتدجين للمجتمع المدني الذي يشكل أهم حقول التغير الاجتماعي والسياسي أن لعب دوره التاريخي باحداث تدريجي للتغيير الاجتماعي والسياسي بعيدا عن الانجذاب للخارج أو للحسابات السياسية الضيقة التي لا تبرئ منها مؤسسات المجتمع المدني في الاردن وعدة قضايا و أحداث حصلت أخيرا خير دليل على ذلك .