التراجع خطوة من اجل التقدم خطوتين
جميل النمري
29-08-2009 06:02 AM
لم يصمد مجلس التربية والتعليم على قرار سابق يقضي باستثناء مادة الحاسوب ومادّة أخرى (الرياضيات للأدبي، وعلوم الأرض للعلمي) ضمن المعدّل العام، وحسنا فعل المجلس بالتراجع عن قراره السابق شرط أن تكون هذه خطوة الى الوراء من أجل التقدم خطوتين الى الأمام.
طبعا لا مجال لحلول جذرية لهذا العام فقد تأخر الوقت والحلّ الجذري يعني إعادة النظر في المناهج والخطّة الدراسية وآلية الربط مع القبول الجامعي، وقد قرر المجلس فتح الباب للمقترحات وللحوار العام، وكنت قد قرأت رسالة الى وزير التربية من الأستاذ حسني عايش وهو أكثر الاختصاصيين التربويين تنويرا وتقدمية، مطلع ومتابع شغوف يسبق الى أكثر الأفكار طليعية في مفاهيم التربية والتعليم رغم تقدمه في السنّ، والورقة تحوي ملامح تصور بديل، لكن هناك الكثير من التفاصيل ينبغي التمحيص فيها والمهم أن تتوفر الارادة الحازمة للتقدم، فالعالم يركض من حولنا ونحن نراوحنا مكاننا، وما زلنا نضيع وقت التلاميذ ونجبرهم على جهد مضن لـ"بصم" مواد سقيمة لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به، ولن تخدم الطالب دقيقة واحدة بعد الفحص ومع ذلك ستكون جزءا من المعدل الذي يقرر مصير الطالب، وأخصّ بالذكر طبعا مادة الثقافة العامّة التي أكرر مجددا وجوب حذفها من المنهاج، بانتظار زمن آخر تقدم فيه للطلبة مادّة جديرة بهذا الاسم.
يرى الوزير تتويج الحوار بمؤتمر وطني، ولا أعتقد أن المؤتمر هو المكان العملي لأخذ القرار، وعلى كل حال هذا يتعلق بالمستقبل، لكن بالنسبة للعام الحالي فنرجو أن لا ينتهي الأمر عند بعض القرارات التي تمّ تثبيتها في آخر جلسة للمجلس، وقد قرأت أمس في "الغد" مقترح د. أمين مشاقبة باحتساب المعدل العام فقط من المواد الأساسية لكل تخصص، وهذه فكرة أكثر شمولا وواقعية من القرار السابق الملغي لمجلس التربية، ويمكن جعل توزيع فحص التوجيهي على فصلين يكتسب معنى أكثر عملية بربطه باتجاهات الطالب وميوله، فيكون الفصل الأول لنصف المنهاج من عموم المواد والثاني لعدد منتقى، مثلا ثلاث مواد أو أربع أظهر الطالب تقدما فيها وتتصل بنوع التخصص الذي يفضله، والفكرة على كل حال هي تقليص عدد المواد التي تدخل في احتساب المعدّل وفق اعتبارات عملية تخصّ مستقبل الطالب. يجب أن يعيد مجلس التعليم المشاورات والبحث في وقت قصير للخروج بقرار جديد لهذا العام، الى جانب الحوار للمستقبل، وقد يكون مناسبا تكليف لجنة يسود فيها التفكير الاستراتيجي المنفتح من أجل وضع مقترح شامل يقوم على فكرة جعل السنة أو السنتين الأخيرتين من المدرسة نوعا من التأهيل قبل الجامعي ومرتبطا بتخصصاته لأن الدراسة العامّة السابقة كافية وزيادة كتأهيل عام.
الغد