خالد مشعل في عمان .. زيارة انسانية تذكّر بالمصالح السياسية
فهد الخيطان
29-08-2009 05:21 AM
*** غادرها قبل 10 سنوات لاسباب قاهرة وعاد اليها لظروف طارئة
بعد عشر سنوات من الغياب يزور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الاردن. ظرف انساني يتمثل بوفاة والده هو الذي سمح لمشعل بهذه الزيارة بعد ان حالت الخلافات السياسية دون زيارته في السابق. الموافقة على قدوم مشعل جاءت بمبادرة من الملك عبدالله الثاني. مصدر مسؤول قال لـ »العرب اليوم« ان جلالته ما ان سمع بالخبر حتى امر بالسماح لخالد مشعل بالمجيء الى الاردن للمشاركة في تشييع وعزاء والده وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك.
خطوة حكيمة بلا شك وتعبر عن شعور انساني رفيع. وهي في نظر المسؤولين لا تنطوي على اية اعتبارات او »اسقاطات« سياسية.
ليس معروفا بعد الفترة التي سيقضيها خالد مشعل في عمان فهذا الموضوع كما تفيد المصادر الرسمية لم يجر بحثه. المؤكد ان الرجل سيمضي ايام العزاء الثلاثة في صويلح والمؤكد ايضا انه سيلتزم بعدم اجراء أي نشاط سياسي فالمناسبة لا تحتمل اكثر من لقاءات قصيرة وتقبل التعازي من جمهور غفير يتوقع ان يحضر الى بيت العزاء.
التشديد الرسمي على الطابع الانساني لا يقلل من اهمية الخطوة التي كسرت الجليد بين الحكومة الاردنية وحركة حماس منذ ان توقفت الاتصالات بينهما اواخر العام الماضي. لم تكن القطيعة مع حماس مبررة ابداً, فالعلاقة مهما كان مستواها لا تتناقض مع علاقة الاردن مع السلطة الفلسطينية كجهة رسمية معترف بها.
العلاقة »الانسانية« من جانب الاردن مع »حماس« لم تبدأ بالسماح لمشعل بدخول الاردن »لدواع انسانية« وانما بدأت منذ ان واصل الاردن تقديم المساعدات الطبية والغذائية للأشقاء في غزة رغم سيطرة حكومة حمساوية على القطاع. وشهدنا جميعا الحفاوة والتكريم الذي حظي به فريق المستشفى الميداني الاردني في غزة من قبل رئيس الحكومة »المقالة« اسماعيل هنية وقادة حماس هناك واشادتهم بالدعم الاردني.
كما ان الزيارات »الانسانية« لعضو المكتب السياسي لحماس محمد نزال الى عمان لم تنقطع وكان اخرها قبل اسابيع قليلة.
القيادة الاردنية برعت تاريخيا في خلق مقاربة سياسية للقضايا الانسانية, فبعد احتلال العراق وسقوط نظام الحكم قبل الاردن من دون نقاش إيواء بنات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في عمان ورفض الاستجابة لضغوط »الحكم الجديد« في بغداد المطالبة بتسليم السيدة رغد صدام حسين وافراد اخرين من العائلة.
خالد مشعل الذي غادر عمان قبل 10 سنوات لا اظنه يرغب بالعودة للاقامة فيها فالظروف تغيرت تماما, لكن الحاجة لعلاقة تتجاوز البعد الانساني مصلحة اردنية وفلسطينية مشتركة.
الاردن معني اكثر من غيره بالشأن الفلسطيني وواجبه الوطني والقومي يحتم عليه بذل كل جهد ممكن لمساعدة الفلسطينيين على تجاوز خلافاتهم. ومثلما ابدى اهتماما بنجاح مؤتمر حركة فتح باعتبارها فصيلا رئيسيا على الساحة الفلسطينية فليس بوسعه ان يتجاهل وجود قطب آخر لا يقل حضورا ونفوذا عن »فتح« لدعم جهود المصالحة واسناد الدور المصري الذي احتكر الملف منذ سنوات.
علاقة خالد مشعل بعمان كان فيها على الدوام محطات انسانية فهو لم ينس ابداً وقفة الملك الراحل الحسين التي انقذت حياته من الموت بعد محاولة الموساد الاسرائيلي اغتياله في عمان بعدها بسنتين غادر مشعل عمان لاعتبارات سياسية »قاهرة« وها هو يعود ولكن لدواعٍ انسانية طارئة.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم