قال الله تعالى:"إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" الأحزاب: الآية 23.
يعود مصطلح أهل البيت إلى الوظيفة الدينية ، باعتبار أهل البيت هم سدنة البيت ، ويرتبط ذلك بالشرف والمكانة الاجتماعية ، فقد استطاع قصي بن كلاب الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم أن يبني سلطة قريش السياسية في مكة في منتصف القرن الخامس الميلادي ، بعد أن أفسدت قبيلة خزاعة ملة إبراهيم ، وأدخلت عبادة الأوثان إلى مكة . فقد سن قصي عادة تقديم الشعائر والقرابين لإلهة القبائل في الكعبة سنويا ، فجمع في يديه وظائف السقاية والرفادة والسدانة واللواء والندوة ، وبقيت في أبناء قصي من بعده ، ثم اقتسم أولاده وأحفاده من بعده هذه الوظائف ، فاخذ بنو عبد مناف السقاية والرفادة ، واخذ بنو عبد الدار الحجابة واللواء والندوة ، وانتقلت إلى هاشم بن عبد مناف الرفادة والسقاية من أبيه عبد مناف ، وكان هاشم أول من سن الرحلتين ؛ الشتاء والصيف ، وتولى الرفادة والسقاية بعده أخوه المطلب، ثم تحولت لابن أخيه عبد المطلب بن هاشم ، الذي أصبحت له المسؤوليات الدينية والسياسية فحاز الرئاسة ، وبعد عبد المطلب تحولت لابنه " أبو طالب" ، بعد أن تولاها الزبير بن عبد المطلب فترة قصيرة ، فتنازل أبو طالب للسقاية لأخيه العباس ، ثم تحول النفوذ السياسي والاقتصادي لأبناء عمومتهم بني أمية وعلى رأسهم "صخر" أبا سفيان الذي كان يقود القوافل التجارية ، كما اشتغل العباس بن عبد المطلب بالتجارة .
وقد رأى بني أمية أن ظهور النبي محمد(ص) يعتبر تهديدا مباشرا لبني أمية ، فقد قال الوليد بن المغيرة المخزومي ابن أخي أبو جهل : " أينزل هذا القران على محمد واترك أنا عظيم مكة ، وعروة بن مسعود عظيم الطائف " ؟. وقد قاومت قريش محمدا وخاصة أبو سفيان وأبو جهل وأبو لهب .
أما مصطلح البيت فيعني ؛ البيت الحرام ، والبيت المعمور ، والبيت العتيق، والمسجد الحرام ، والكعبة المشرفة ، قال تعالى : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين".
وعلى ذلك فالهاشميين هم أهل البيت ، ومنهم زوجات النبي ، وعمه العباس ، وابن عمه علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن العباس ، وجعفر بن أبي طالب ، وعقيل بن أبي طالب ، وهولاء هم السابقون الأولون من أهل البيت ، ثم أبناء علي ؛ الحسن والحسين ومحسن ومحمد بن الحنفية ، وعبد الله بن جعفر، ومسلم بن عقيل ، وأبناء الحسن بن علي وعددهم أربعة عشر وأبناء الحسين وعددهم خمسة ، وابني محمد بن الحنفية وعددهم اثنان ، وابن محمد بن الحنفية أبو هاشم عبد الله الذي أعطى الصحيفة الصفراء للعباسيين في الحميمة بجنوبي الأردن ومات ودفن فيها ، ومنهم محمد النفس الزكية بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ، والحسين بن علي بن الحسين بن الحسن المثنى الحسني ، وزيد ين علي زين العابدين ، وجعفر الصادق ، وعلي الرضا الذي أعطاه الخليفة العباسي المأمون ولاية العهد ، وإسماعيل بن جعفر الصادق ، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وحفيده عبد الله بن معاوية ، والعباسيون من أبناء العباس ؛ عبد الله بن العباس ، وعلي بن عبد الله بن العباس الذي انتقل للعيش في الحميمة جنوبي الأردن بناء على وصية والده ، ومحمد بن علي العباسي الذي حمل عبء الدعوة العباسية ، إذ كان يخطط في الحميمة وكبار الدعاة ينفذون في الكوفة وخراسان ، وإبراهيم بن محمد ( الإمام) الذي انجح الدعوة العباسية وحولها إلى ثورة ، وقامت بالفعل في خراسان ، إلا أن الخليفة الأموي مروان بن محمد سجنه في حران ومات اوقتل في سجنه ، ثم الخلفاء العباسيون في بغداد ابتداء من السفاح وانتهاء بالمستعصم ، الذي استشهد على يد المغول في بغداد عام 1258م ، ثم العباسيون في القاهرة ابتداء من أبو القاسم احمد المستنصر بالله 1261م وانتهاء بابي الصبر يعقوب المستمسك بالله 1517م حيث أنهى العثمانيون الخلافة العباسية واجبروا الخليفة على التنازل عنها للعثمانيين ، والعلويون الزيدية في طبرستان والديلم ابتداء من الداعي للحق الحسن بن زيد من 864 هـ إلى يحيى الناطق بالحق 1033هـ ، وإمارة الأخضير من الإشراف الحسنيين في اليمامة من ذرية الشريف يوسف الأخضير بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وأولهم محمد بن يوسف الأخضير سنة 252 هـ (866 م)، وإمارة الإشراف في الحجاز التي استمرت من 358هـ / 968 م إلى 1924 م أي حكموا دون انقطاع زهاء 956 عاما ، واستمروا إلى اليوم في المملكة الأردنية الهاشمية ، وقد حكم من أشراف مكة في العهد العثماني عدة فروع : أشراف الحجاز من نسل الشريف بركات بن محمد بن بركات ابتداء من 903هـ 1497م ، وأشراف مكة ذوو زيد إلى 1327هـ ، والعبادلة من سلالة الشريف عبد الله ومن نسلهم الأسرتين الحاكمتين في العراق والأردن ، والادارسة في المغرب الأقصى من 172 هـ ـ 375 هـ /789 م ـ 985 م ، والزيدية والرسيون في اليمن من 280ـ 700هـ / 893 ـ 1300م في العهد الأول ، ومن 593هـ ـ 680هـ / 1196م ـ 1281م ، والفاطميون في المغرب ومصر من 297 هـ ـ 567 هـ/ 909 ـ 1171 م ، والادارسة من نسل إدريس بن عبد الله صاحب فخ من عام 788م إلى 985م ، والأشراف السعديون في المغرب من 917هـ 1069هـ 1511م ـ 1659م ، والأشراف العلويون الفيلاليون في المغرب من 1041 هـ ـ 1206 هـ / 1659ـ 1631م ـ 1792م إلى الوقت الحاضر .
وكان أول من تولى إمارة مكة ؛ هبيرة بن شبل بن العجلان بن عتاب ... الثقفي ، استخلفه الرسول حين سار إلى الطائف ، ثم تولاها بعده عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ، ثم الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ومن الذين تولوها عبد الله بن الزبير بن العوام الذي غلب عليها في عهد يزيد بن أبي سفيان ، وكان اغلب من تولاها في العهد العباسي من إل هاشم ، وتولت دولة الإشراف الحسنيون الموسويون ابتداء من جعفر بن محمد بن الحسن ابتداء من 345 هـ ما عدا ولاية كافور الإخشيدي وانكجور التركي ، ثم عادت للأشراف الحسنيين الملقبين بالهواشم أول من تولاها منهم داود بن عيسى من 571هـ إلى سنة 920هـ واستمر الهواشم أشرافا لمكة في عهد الدولة العثمانية ، واستمرت دون انقطاع في هذا الفرع إلى أن وصلت إلى قتادة بن إدريس بن مطاعن ، أمير مكة الذي ينتسب إليه الإشراف الهاشميون في الأردن ملوك المملكة الأردنية الهاشمية ، فقد تولى قتادة أمير مكة وصاحب ينبع سنة 597هـ واستمر عشرين عاما ، وتولى بعده ابنه حسن ، واستمرت السلسلة مع انقطاع نادرة حيث تولاها بعض الأيوبيين وأمراء الحج ، ثم عادت إلى راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن سنة 629هـ ، ثم وصلت إلى الحسن بن علي بن قتادة سنة بحدود 650هـ ، إلى أن وصلت إلى إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن ، الذي تولاها 17 مرة ، ثم وصلت سنة 651هـ إلى محمد بن حسن بن علي بن قتادة ... أبو نمي ، الذي ولى أمر مكة خمسين سنة ، ثم حميضة بن أبي نمي ، واستمرت في الهاشميين الإشراف من الفرع الحسني إلى أن تولاها حسن بن عجلان بن رميثة بن أبي نمي أمير مكة ونائب السلطنة بالأقطار الحجازية سنة 802هـ ، ووصلت إلى الشريف بركات بن محمد سنة 903هـ ووصلت الشريف مساعد بن سعيد سنة 1165هـ ووصلت عبد المعين بن مساعد سنة 1202هـ ، إلى أن وصلت إلى الشريف عون الرفيق بن محمد بن عون سنة 1299هـ وبعد وفاته سنة 1323هـ تولى بعده ابن أخيه علي بن عبد الله بن محمد بن عون ، وتولى بعده الشريف الحسين بن على بن محمد بن عون أمير مكة وشريفها سنة 1326هـ 1907م صاحب الثورة العربية الكبرى ومفجرها سنة 1334هـ 1916م ، الذي تخلى عن الملك لابنه علي بعد أن خانه الحلفاء سنة 1924م ، وانتقل على بن الحسين إلى جدة فتنازل عن الملك بعد حصار جدة في 17 تشرين الثاني 1925م ، فيما نفي الشريف حسين إلى قبرص لأنه رفض التنازل عن شبر واحد من فلسطين ، ومات في عمان ودفن في القدس الشريف ، فيما تولى ابنه فيصل مملكة الشام ، وبعد ميسلون ذهب إلى مؤتمر الصلح ، وعاد واستلم العراق فأصبحت مملكة واستمر فيها نسله إلى سنة 1958م ، فيما أقام عبد الله بن الحسين في شرقي الأردن إمارة الشرق العربي ثم إمارة شرقي الأردن عام 1921 والتي استقلت عام 1923ثم أصبحت مملكة عام 1946 ، وفي 1950 تولى الملك طلال ، ثم الملك الحسين بن طلال سنة 1952، ثم الملك عبد الله الثاني بن الحسين سنة 1999 أطال الله في عمره .
للاستزادة يمكن الرجوع إلى :
1- ابن الكلبي ، هشام بن محمد بن السائب ، جمهرة النسب ، بيروت ، 1986م .
2- الزبيري ، مصعب بن عبد الله ، نسب قريش ، القاهرة ، ( د.ت) .
3- البلاذري ، انساب الإشراف ، دار العارف ، القاهرة ، (د. ت) .
4- احمد بن السيد زيني دحلان ، أمراء البلد الحرام ، منذ اولهم في عهد الرسول حتى الشريف الحسين بن علي ، الدار المتحدة للنشر ، بيروت ، (د.ت) .
5- عارف عبد الغني، تاريخ أمراء مكة المكرمة، من 8هـ ـ 1344هـ، ط1، دار البشائر، دمشق، 1992.
6- فاروق عمر فوزي ، المدخل إلى تاريخ إل البيت منذ فجر الإسلام وحتى العصر الحديث ، منشورات جامعة إل البيت ، المفرق – الأردن 1999م .