مع حلول شهر رمضان المبارك، وامتثالا لأمره جل في علاه وهو القائل ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ونزولا عند هذا الأمر الرباني الذي يعد الركن الرابع من أركان الإسلام، وحالي في ذلك كحال بقية المسلمين الممتثلين لأوامره قررت بعد الاتكال على الله أن امسك هذا الرمضان عن الكتابة جنبا إلى جنب مع الإمساك عن الطعام والشراب وذلك لضمان تأدية فريضة الصيام على أكمل وجه طمعا في أن أنال الأجر كله بإذن الله، إذا قدرت لي الحكومة ذلك.
ومع غروب شمس هذا اليوم يكون قد انقضى من عمر الشهر الفضيل سبعة أيام بالتمام والكمال، ولم ينغص علينا صيامنا وقيامنا- عدا عن الفوضى السائدة في البلد- إلا الحكومة الرشيدة، والتي أبت وبكل إصرار المومن بربه الموقن بعدالة قضيته إلا أن تنقص من أجورنا من خلال الاستماع إلى بعض تصريحاتها هنا وهناك والتي بالعادة تكون مستفزة، الأمر الذي دعاني للحنث بوعدي في الإمساك عن الكتابة، لأن الكتابة في مثل هذه الأيام العظيمة تعتبر - في نظر البعض- من مبطلات الصيام وخصوصا إذا تناولت الحكومة بالنقد لان ذلك يعد قذفا للمحصنات الغافلات.
وإنني أرى أن هذه الحكومة قد حصنت نفسها بكل الوسائل اللازمة للمحافظة على عفتها وطهارتها والتي تجنبها من أن تحوم حول الشبهات وتدرأ عنها الوقوع في المحظورات، وبالتالي البعد عن الغمز واللمز والفوز برضي العباد ورب العباد، وهذا ما فعلته الحكومة -المحصنة من كل نقص وخطيئة- عندما جيشت بعض الكتاب الذين أخذوا على عاتقهم تلميع صورتها كلما بهتت، فمنهم من يصف الرئيس بأنه رجل انقطعت صفاته وآخر يصفه بالواعي-يعني صاحي- للتدهور الحاصل في الموازنة، وقد يكون بعد يومين فاتحا كبيرا ونحن لا نعلم، وكله بحسابه والله اعلم.
أما لماذا تعتبر غافلة، فذلك- والله اعلم- لأنها غفلت عن كل ما فيه خير وصلاح لهذه الأمة ولهذا الشعب المسكين الذي تركته يتلظى بنار الأسعار الملتهبة بينما بعض رجالاتها كانوا قد شدوا الرحال إلى عواصم الغرب باموال الشعب،هربا من جحيم الأسعار الملتهبة ولعدم قدرتهم على مواجهة المواطن بالحقائق المؤلمة- هذا إن امتلكوها- بذرائع وحجج واهية تؤدي إلى بطلان صومهم، إذا عرف الشهر إليهم طريقا.
أما آخر استغفال لهذا الشعب ونوابه من قبل هذه الحكومة العتيدة، فهو تهرب الرئيس من الإجابة عن سؤال نيابي موجه من النائب صلاح الزعبي، والسؤال يطلب فيه " أولا : موافاتي بأسماء الحكام الإداريين رباعيا وتاريخ تعيينهم ومؤهلاتهم الجامعية ومكان عمل كل واحد فيهم، ثانيا : موافاتي بالاسم الرباعي للسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الأردنية في الخارج ومؤهلاتهم العلمية ومكان عمل كل واحد فيهم و تاريخ تعيينه، ثالثا: موافاتي بالاسم الرباعي للأمناء العامين للوزارات ومؤهلاتهم ومكان عمل كل واحد فيهم وتاريخ تعيينه بالوظيفة العامة، رابعا : موافاتي بالاسم الرباعي للمدراء العامين للدوائر والهيئات والمؤسسات والشركات المملوكة للحكومة وتاريخ تعيينهم ومؤهلاتهم العلمية ومكان عمل كل واحد فيهم".
أما كيفية التهرب من الإجابة فكانت بالالتفاف على السؤال والاختباء خلف الفتوى التي أصدرها ديوان تفسير القوانين – بعد التخبط الذي حدث في صفوف الحكومة-والذي جاء كما يشتهي الرئيس وحكومته، وبالتالي بقيت صائمة عن البوح بالحقائق التي لو تم معرفتها لما أدركت شيئا من ثواب شهر رمضان حتى لو أصبح كل عمرها رمضانا.
ومن هنا فإننا نقول وبالله التوفيق ومن على هذا المنبر ونتوجه بالسؤال التالي إلى دولة الرئيس الذي طالما عرفناه رجل نزاهة وشفافية ، ألا يعتبر تهربكم من الإجابة عن السؤال هو الخطأ بعينه إن لم يكن قمة عدم الشفافية ؟ ولماذا تختبئون خلف فتاو مفصلة بالمقاس والتي تبيح لكم التهرب من الإجابة ولكنها لم تبح لكم تعيين من هم محسوبين عليكم في مراكز مهمة من باب التنفيع؟! ألا يحق لهذا الشعب معرفة الأشخاص القائمين على شؤونه داخليا وفي المحافل الدولية؟ كما لا يحق له معرفة من هم هؤلاء الأشخاص ونوعياتهم والطرق التي تم تعيينهم بها وكذلك المؤهلات التي يحملونها؟
إن في التهرب عن الإجابة على هذا السؤال الكثير من علامات الاستفهام التي تدور في خلد كل مواطن، مثلما نرجو أن يعلمنا - الرئيس - عن الحكمة خلف هذا التهرب- والذي ارى ان المقصود منه عدم بيان ما وصلت اليه الحكومة من خطا في التعيينات - عدا عن كشف أسمائهم للأعداء المتربصين بنا، والذي يعد خطرا علينا ومقتلا لهم.
دولة الرئيس.. لماذا هذا الذي يجري، مثلما هو السؤال عن التهرب من الإجابة عن سؤال يهم كافة فئات الشعب، وان في عدم الاجابة عن السؤال استهتار به وبمقدراته، وان كانت إجراءاتكم سليمة أو يشوبها جزءا من ذلك فلا ضير إن أجبتم حتى لو لم يوجه هذا السؤال، عندها لن تكونوا بحاجة إلى من يلمع صورتكم، حيث الغريق لا يخشى البلل.
kalilabosaleem@yahoo.com