يصادف الثامن اذار ذكرى اعلان مملكة فيصل ومبايعته ملكا على سوريا، والتي ولدت في لحظة كان المسرح السياسي في المشرق العربي يشهد خلالها أحداثاً لا تقل بأهميتها عن ما يجري اليوم في المنطقة.
ونقرأ ما عبر عنه من تاسيسها واحداث رافقتها بدءا من مرور"جيش فيصل" عبر الأردن شمالاً ووجهته دمشق لتأسيس دولة على صغر عمرها (عامان) إلا أنها لربما وجب أن توصف بأندلسٍ ثانية، لكونها جاءت عروبية خالصة، ولأنها كانت تعبيراً صادقاً عن الوجدان العربي.
فدولة فيصل العربية التي بدأت تعرب عن ذاتها اواخر عام ١٩١٨م ، لم تشكلها الظروف بقدر ما شكلتها الإرادة العربية، وهي درس وشاهدٍ على مقدرة المشرق العربي على التعبير عن ذاته.
وفي ذلك الزمان ، حيث كانت القوى في هذا المشرق تتوزع جغرافياَ بين ثلاثة أقاليم: هي سوريا وثقلها التاريخي ورمزيتها ، والعراق وثقله السكاني ، والحجاز وثقله الديني، تشكلت حالة فريدة من نوعها وفرصة تاريخية أضاعها الانتداب وتآمر البعض لأجل أن ينعتق العرب من حالة التأرجح الحضاري التي عاشوها، ولكن سكة التاريخ لم تسر حسب مقتضى الحال ..!
وبالعودة إلى المملكة العربية السورية، التي هي جزء من تاريخ المنطقة، فإن هذه المملكة التي كانت أول دول الثورة العربية الكبرى، هي شاهد ووثيقة بيد العرب وفي ذاكرتهم على الوعي الذي يتآمر بعض كتبة التاريخ عليه بالتقليل من شأنها أو تجاوزه.. رغم أنها حالة عربية خالصة.
فبين عامي (1918 و 1920) بنيت في سوريا دولة أذابت كل الفوارق والحواجز وحمل دستورها أرقى أنواع المؤسسية والحرية، وكادت تتشكل مملكة هي بشهادة وثائقها سواء في المؤتمر العام 1919 أو بأوراق لجنة "كنغ كراين" التي استفتت أهالي المنطقة ، هي مشروع نجح في تذويب أي فوارق طائفية أو دينية.
واليوم، ونحن نستحضر دولة فيصل بعداعوام مديدة نعيد طرح الأسئلة التي ما زالت لليوم مفتوحة.. هل يصلح الأمر بخطاب غير خطاب الشرعية المتأصل من ثنائية القومية والدين التي عبر عنها الهاشميون؟
وما يستدعي اليوم الكتابة والاستحضار عن دولة فيصل ما تشهده سوريا من احداث.
دولة فيصل.. وفي سياق الحاضر بحاجة لأن نعيد قراءة سياقات تشكلها وبنائها من جديد في الوعي والذاكرة لكي تكون معيناً على تشكيل منعة من لأجيال يحاول البعض إخراجها وفصمها عن نموها الطبيعي!