لم يعد منظر سائق يقود سيارته بعكس اتجاه السير أمرا مستهجنا أو معيبا بل شجاعة وجرأة واحتراف قيادة للوصول قبل الآخرين الجبناء ( نحن )، ولم يعد أحد يجرؤ على الأعتراض على هذا السائق وقد سبق أن فعلت كرجل قانون فإذا به يفتح نافذته قائلا ( مش شغلك امشي بطريقك احسن لك ) .
حتى الزملاء في صحيفة الرأي يشاهدون يوميا المرور عكس السير أمام مدخل الصحيفة وأزمة اشتباك المرور وكأنه الأمر لا يعنيهم الى اتصلت بنفسي بإدارة السير فتكرم رائد محترم بارسال شرطي فورا فانتظم المرور !! .
لم يعد احترام قانون السير في غياب الشرطي مواطنة صالحة وانما ( جبن وهبل ) وسذاجة وعكس ذلك هي الجرأة والشجاعة والفن !! .
لم يعد ثمة ضرورة للتوقف عند حاوية النفايات لوضع علبة تبغ فارغة أو بقايا سندوتشات ، فشوارعنا كلها حاوية نفايات مفتوحة للعموم ولا غرابة أن نشاهد سائق سيارة ثمنها مائة الفا دينار يلقي بالمناديل الورقية وأعقاب السجائر من النافذة ، وأصبح منظرا مألوفا أن نشاهد أكواب القهوة الفارغة مبعثرة على الأرصفة .
رينج روفر أخر موديل سوداء في شارع مكة تقودها سيدة في الثلاثينات من عمرها بكامل الأناقة والشياكة والشعر الاشقر المصبوغ تقف على الإشارة الضوئية .. تدقق مكياجها .. ثم تلقي بمنديل ورقي من النافذة ، وبسبب الازدحام والتداخل تتمتم علينا من خلف الزجاج ربما بشتائم من مختلف الدرجات والرتب ، وددت لو اعرف رتبتي على سلم شتائمها ، .. لم أجرؤ ولم يجرؤ أحد على الاعتراض فقد تكون ابنة أو زوجة مسؤول كبير او خطير ؟؟ ، فتفتري علينا بجرم تحرش ونتبهدل وندفع تعويض !!
وبينما كانت محطة محلية تصدح بأغنية ( هذي بلدنا وما نخون عهودها ، ونجود لكن جودنا من جودها ) كان عشرات المواطنين كل ساعة عند الذهاب الى العمل وعند الانصراف منه يخونون عهودها في الشوارع .
نحن نحب بلدنا لكن في الاغاني والكلام أما الالتزام والفعل فكل واحد منا يتركهما لغيره ، والسؤال من هو هذا الغير ؟!! أظن لا أحد